النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

محمد طاهر ابن عاشور تونسي d. 1393 AH
114

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

خپرندوی

دار سحنون للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

د خپرونکي ځای

دار السلام للطباعة والنشر

ژانرونه

﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١)﴾ [المدثر: ٥١]. ولما غفل الشارحون عن هذا التمثيل لم يفسروا موقع «ليعقرنك الله» تفسيرًا رشيقًا. وإسناد العقر إلى الله؛ لأن الله هو المدافع عن دينه ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا﴾ [الحج: ٣٨]، وهو كقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ [النور: ٣٨]. وقريب من هذا التمثيل المكني قوله تعالى حكاية عن فرعون: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى﴾ [النازعات: ٢٢] فهو وجه اختيار فعلي» ﴿أَدْبَرَ﴾ [المعارج: ١٧] و﴿يَسْعَى﴾ [النازعات: ٢٢]. وليس المراد تشبيه مسيلمة بحمار وحش على طريقة الاستعارة المكنية. وذكر العقر تخييل؛ إذ لا رشاقة في تشبيهه بذلك على الانفراد. وذلك مما يمنع اعتبار الإفراد في التشبيه، ويعين اعتبار التمثيل كقول التنوخي: كأنما المريخ والمشتري ... قدامه في شامخ الرفعه منصرف بالليل من دعوة ... قد أسرجت قدامه شمعه إذ لو قيل: شبه المريخ بمنصرف عن دعوة بدون ملاحظة كون المشتري قدامه لما حسن ذلك. * * * باب سؤال المشركين النبي ﷺ أن يريهم آية وقع فيه حديث معاوية ﵁[٤: ٢٥٢، ٢]: (عن النبي ﷺ أنه قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» إلخ. وأن مالك بن يخامر قال [٤: ٢٥٢، ٦]: «قال معاذ بن جبل وهم بالشام». يحتمل أن معاذًا قاله من عند نفسه، يتأول الوصف الذي وصف رسول الله ﷺ به الطائفة. ومراد معاذ بهم أصحاب رسول الله ﷺ الذين كانوا في جنود فتح دمشق؛ لأنهم كانوا يقاتلون أمة الروم التي هي يومئذ أقوى الأمم وأوفرها حضارة. ويحتمل أن معاذًا سمعه من رسول الله ﷺ على هذا المعنى أيضًا. وقد روى الطبراني ذلك عن أبي هريرة مرفوعًا. وقد استبشر معاوية بقول معاذ، من جهة أن رسول الله لم يخصه بزمن دون آخر لاسيما مع قوله ﷺ[٤: ٢٥٢، ٦]: «إلى أن يأتيهم أمر الله وهم على ذلك»، فإن

1 / 118