والمقصود: أن الرسل عليهم الصلاة والسلام بينوا الحق وأوضحوه، وبينوا أسماء الرب وصفاته الدالة على قدرته العظيمة واستحقاقه العبادة، وأنه الخالق المالك الرازق المحيي المميت المدبر لكل شيء جل وعلا، وبينوا أيضا علو الله وفوقيته على خلقه.
ولهذا قال فرعون لوزيره هامان: ﴿ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ [غافر: ٣٦ - ٣٧] (١) أخبره: أن الله فوق السماء جل وعلا.
ولهذا أراد هذا الجبار أن يتطاول بهذا الكلام القبيح الساقط الذي لا قيمة له. ومن هذا ما ذكره الله جل وعلا عن عيسى ﵊ والحواريين في سورة المائدة، حيث قال سبحانه: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ - قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ - قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة: ١١٢ - ١١٥] (٢) .