The Civilization of the Arabs - Gustave Le Bon
حضارة العرب - غوستاف لوبون
خپرندوی
مؤسسة هنداوي للنشر والثقافة القاهرة
د خپرونکي ځای
مصر
ژانرونه
(٥ - ٣) عرب مصر
عرب مصر نتيجة توالد سكان مصر الأصليين والعرب الذين فتحوا مصر في سنة ٦٤٠ بقيادة عمرو بن العاص، وعرب مصر ليسوا عربًا بدمهم، وإن كانوا عربًا بلغتهم ودينهم، فقد دلنا علم وصف الإنسان على أن العنصر العربي الغالب لم يلبث أن طغى عليه العنصر المصري المغلوب الأوفر عددًا والأكثر احتمالًا لجو مصر المرهوب، وأن العناصر المتداخلة لم تلبث أن توارت، وأن المصري الحضري العربي بدينه ولغته رجع ابنًا لقدماء المصريين في زمن الأهرام، أي ذا سعةٍ في كتفه ووجهه، وغلظٍ في شفتيه ونتوءٍ في وجنتيه ومشابهة للمثل المنحوتة في قديم الآثار.
ولم يكن عرب النيل الحضريون أبناءً لقدماء المصريين بتقاطيعهم فقط، بل ورثوا عن هؤلاء أخلاقهم ولطفهم وأدبهم الجم أيضًا، وهم يخشون؛ لما عانوا من ضروب الاستعباد منذ قرون، جميع السادة، ولا سيما الأوربيون، فقد استطعت، حين ذاعت الأنباء في القاهرة بأن مصر العليا مضطرمة بالعصيان والملاحم، أن أجول منفردًا في القرى القائمة على ضفتي النيل من غير أن يصيبني أذىً.
واحتياجات الفلاح المصري قليلة جدًا، وهو إذا ما ملك بلغةً كان سعيدًا، وهو يعيش من غير تفكيرٍ في المستقبل والوقت والأبعاد، ويكون جوابه «لا أعلم» حين سؤاله عن أشياء كان يجب أن تكون التجارب المتكررة قد هدته إليها، ولا يعرف مدة السفر بين قريته وإحدى القرى المجاورة ولا المسافة بينهما، ولا يرى له مصلحةً في معرفة هذا.
ونشاهد في مصر مثل ما نشاهد في جزيرة العرب وسورية من الأعراب والحضريين، ونرى الفرق بين أعراب مصر وحضيريها أعظم مما في أي قطر آخر؛ لاختلاف العرقين في مصر، فضلًا عن اختلافهما في المعايش، وإذا كانوا عرب المدن قد تحولوا بفعل التوالد المستمر إلى مصريين، فإن أعراب مصر لم يختلطوا بسواهم نظرًا إلى طرق معايشهم الخاصة، وهؤلاء الأعراب يشبهون، بقنا أنوفهم ورقة شفاههم وطول وجوههم البيضية وعيونهم اللامعة، مثال العربي البدوي في زمن محمد.
والأعراب، فقط هم أهل الحرب والنزال المرهبون في مصر، وهم الذين يجب أن يخافهم الإنكليز في غزوهم الجديد لوادي النيل إذا لم يشتروا حيادهم بأي ثمن، كما أخبرنا به العارفون غير مرة.
1 / 83