شكل ٥ - ٩: خشب محفور في مسجد القيروان (من صورة فوتوغرافية).
بيد أنه كان للغارة العظيمة الجديدة التي شنها العرب شأن آخر، فلما حشر العرب جموعًا كثيرة في إفريقية حولوا فريقًا كبيرًا من البربر إلى عرب.
وتدفق العرب كالسيل على إفريقية في أواسط القرن الحادي عشر، أي في وقت كان البربر قد استردوا فيه استقلالهم تقريبًا، واستقروا بشمالها، ودحروا البربر إلى جبال التل وإلى البقاع الجنوبية.
وقام بذلك الغزو أعراب الحجاز الذين كانوا يقطنون بمصر العليا في زمن الخلفاء الفاطميين، والذين بلغ ما قاموا به من أعمال السلب والنهب مبلغًا أصبحت الإقامة بها لا تطاق معه، فعزم الخليفة المستنصر على الخلاص منهم بحضهم على بربر إفريقية وإغرائهم بهم.
وكان الأمر غارة أمة، لا غارة عسكرية، فقد ظعن أولئك العرب رجالًا وأولادًا ونساءً وقطاعًا عن مصر، وروى بعض علماء العرب أن عدد الظاعنين كان مليونًا، وروى بعض آخر أن عددهم كان نحو ٢٥٠٠٠٠، والذي أراه أن الغارة الأولى لم تلبث أن ردفتها غارات كثيرة أخرى.