والحديث المذكور أحد الأحاديث الأربعة التي انتخبها الإمام أبو داود (^١) من خمسمائة ألف، وهذا أحدها.
والثاني: "لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه".
والثالث: "من حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه".
والرابع: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهة" الحديث، وقد روي بألفاظ مختلفة، انتهى.
وسبقه الإمام أبو حنيفة إذ انتخب من خمسمائة ألف، وزاد على الأربعة المذكورة حديثًا خامسًا، وهو: "المسلم من سَلِمَ المسلمون" الحديث، ولعل الإمام أبا حنيفة زاده اهتمامًا لشأنه، والإمام أبو داود حذفه لدخوله في الحديث الثاني: "لا يكون المؤمن مؤمنًا" الحديث، وبسط الكلام على ذلك في "الأوجز" (^٢).
وفيه قال شيخ مشايخنا الشاه عبد العزيز الدهلوي في "البستان" (^٣) بعد قول أبي داود: هو كذلك، فإن الأول يكفي لتصحيح العبادات، والثاني لمعرفة الحقوق، والثالث لمحافظة الأوقات، والرابع لرفع الشك والتردد من اختلاف العلماء وغيره، انتهى.
وقال الإمامان الشافعي وأحمد بن حنبل: حديث النيات ثُلُث العلم، قاله النووي في "شرح البخاري" (^٤).
وقال المتأخرون: مدار الإسلام على حديث واحد وهو حديث جرير: "الدين النصيحة".
كما بسط الكلام عليه في هامش "اللامع" (^٥) في آخر كتاب الإيمان، وفيه: قال الحافظ (^٦): هذا من الأحاديث التي قيل فيها: إنها أحد أرباع
(^١) انظر: "إرشاد الساري" (١/ ٩٥).
(^٢) انظر: "أوجز المسالك" (١/ ١٨٨).
(^٣) "بستان المحدثين" (ص ٨١).
(^٤) انظر: "فيض الباري مختصر شرح صحيح البخاري" (ص ١١).
(^٥) "لامع الدرارى" (١/ ٦١٢).
(^٦) "فتح الباري" (١/ ١٣٨).