والثاني: التكرار، فإنه سيأتي قريبًا "باب كراهية الصلاة في المقابر".
ووجّهوا لدفع هذين الإيرادين بوجوه عديدة بعيدة عندي من دقة نظر الإمام البخاري.
ومنشأ الإيرادات كلها أنهم ﵃ أجمعين - جعلوا عطفه على قوله: "هل ينبش"، وجعلوه ترجمة مستقلة، فأشكل الأمر عليهم.
والأوجه عند هذا العبد الفقير إلى رحمة ربه: أنه معطوف على لفظ قوله النبي ﷺ تحت اللام، فهو دليل للترجمة السابقة، أي: ينبش قبور المشركين لقوله ﷺ، ولما يكره من الصلاة في القبور، وهو واضح عندي.
ولا يرد عليه حينئذ إيراد أصلًا حتى يحتاج لدفعه إلى توجيهات، ولا يذهب عليك أن لفظة "هل" في الترجمة بمعنى "قد" عند الشرَّاح، وهو في معناه عند هذا العبد الضعيف، كما تقدم في الأصل الثاني والثلاثين.
٦١ - الحادي والستون: تغيير الترجمة على حديث:
ما ظهر أيضًا لهذا المبتلى بالسيئات - غفر الله له الزلَّات -: أن الإمام البخاري قد يغيّر سياق التراجم على الأحكام الواردة في الأحاديث على نسق واحد.
مثلًا: وردت في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها الروايات على سياقين:
أحدهما: النهي عن الصلاة عند الطلوع والغروب مطلقًا كما في حديث ابن عباس عن عمر ﵃: "أن النبي ﷺ نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب" (^١)، وهكذا ورد في روايات عديدة.
والسياق الثاني ما أورد عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ:
(^١) "صحيح البخاري" (ح: ٥٨١).