¬إذ سمع الحديث على أحمد بن الجسور (^١)، قبل أن يبلغ السابعة عشرة "وإذا كان الحديث والفقه أخوين متلازمين، لا يمكن أن يطلب الحديث إلا مع الفقه، أو على الأقل المعارف الأولى في الفقه فلا بُدَّ إذن أن نَقُولَ إنَّ ابنَ حزم قد ابتدأ يَتَلَقَّى الفقهَ في سِنِّيهِ الأولى، وليس مِنَ المعقول أن يكون أَبُوه الذي عُني بتربيته تلك العناية، يهمله وَيتْرُكُه من غير أن يُعَلَّم المعارف الأولى في الفقه كالصلاة، فرائضها ونوافلها، هذا هو المعقول في ذاته، وهو الذي يتفق مع السياق التاريخي" (^٢).
لكن قال عبد الله بن محمد بن العربي: "أخبرني ابنُ حزم أن سبب تعلمه الفقه، أنه شهد جنازة، فدخل المسجد، فجلس ولم يركع، فقال له رجل: قم فصل تحية المسجد، وكان ابن ست وعشرين سنة، قال: فقمت وركعت فلما رجعنا من الجنازة جئت المسجد، فبادرت بالتحية، فقال لي: إجلس، ليس ذا وقت صلاة، يعني بعد العصر، فانصرفتُ حزينا، وقلت للأستاذ الذي رباني: دُلَّني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون، فقصدته، وأعلمته بما جرى علي، فدلني على الموطأ، فبدأت عليه القراءة: ثم تتابعت قراءتي عليه، وعلى غيره ثلاثة أعوام، وبدأت بالمناظرة" (^٣).