¬المبحث الثالث أوليته وطلبه للعلم
نشأ ابن حزم في بيت عز مكين، وجاه عريض، في قصر أبيه الوزير المُقَام في الشارع الآخذ من النهر الصغير على الدرب المتصل بقصر الزاهرة (^١)، وفي هذا القصر تَلَقَّى أول مبادئ العلم، وَجَدَّ في ذلك، حُبًّا في نباهة الذكر، وحُسن الأحدوثة في الدنيا والآخرة. ولقد أومأ ابنُ حزم إلى هذا المعنى صراحة عندما قال له الباجي: "أنا أعظم منك همة في طلب العلم، لأنك طلبته وأنت مُعان عليه، فتسهر بمشكاة الذهب، وَطَلَبْتُهُ وأنا أسهر بقنديل بائت السوق" (^٢): فقال له ابن حزم: "هذا الكلام عليك لا لك، لأنك إنما طلبت العلم، وأنت في هذه الحال رجاء تبديلها بمثل حالي، وأنا طلبته في حال ما تعلمه، وما ذَكَرْتَهُ، فلم أرجُ به إلا علو القدر العلمي في الدنيا والآخرة" (^٣).
وأوَّل مَنْ عَلَّم ابنَ حزم من أهل عصره النساءُ ويقول في ذلك: