The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
خپرندوی
دار ابن القيم بالإسكندرية
ژانرونه
أَهْلَهُ وَمَعَارِفَهُ؛ لِيَلْحَقَهُ أَجْرُهُ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ.
الدِّينُ أَفْضَلُ الْمَوَاهِبِ الَّتِي وَصَلَتْ مِنَ اللهِ (تَعَالَى) إِلَى خَلْقِهِ، وَأَعْظَمُهَا مَنْفَعَةً، وَأَحْمَدُهَا فِي كُلِّ حِكْمَةٍ. فَقَدْ بَلَغَ فَضْلُ الدِّينِ وَالْحِكْمَةِ أَنْ مُدِحَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْجُهَّالِ، عَلَى جَهَالَتِهِمْ بِهِمَا وَعَمَاهُمْ عَنْهُمَا.
أَحَقُّ النَّاسِ بِالسُّلْطَانِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ. وَأَحَقُّهُمْ بِالتَّدْبِيرِ الْعُلَمَاءُ. وَأَحَقُّهُمْ بِالْفَضْلِ أَعْوَدُهُمْ عَلَى النَّاسِ بِفَضْلِهِ. وَأَحَقُّهُمْ بِالْعِلْمِ أَحْسَنُهُمْ تَأْدِيبًا. وَأَحَقُّهُمْ بِالْغِنَى أَهْلُ الْجُودِ. وَأَقْرَبُهُمْ إِلَى اللهِ أَنْفَذُهُمْ فِي الْحَقِّ عِلْمًا وَأَكْمَلُهُمْ بِهِ عَمَلًا. وَأَحْكَمُهُمْ أَبْعَدُهُمْ مِنَ الشَّكِّ فِي اللهِ (تَعَالَى). وَأَصْوَبُهُمْ رَجَاءً أَوْثَقُهُمْ بِاللهِ. وَأَشَدُّهُم انْتِفَاعًا بِعِلْمِهِ أَبْعَدُهُمْ مِنَ الْأَذَى. وَأَرْضَاهُمْ فِي النَّاسِ أَفْشَاهُمْ مَعْرُوفًا. وَأَقْوَاهُمْ أَحْسَنُهُمْ مَعُونَةً. وَأَشْجَعُهُمْ أَشَدُّهُمْ عَلَى الشَّيْطَانِ. وَأَفْلَجُهُمْ بِالْحُجَّةِ (١) أَغْلَبُهُمْ لِلشَّهْوَةِ وَالْحِرْصِ. وَآخَذُهُمْ بِالرَّأْيِ أَتْرَكُهُمْ لِلْهَوَى. وَأَحَقُّهُمْ بِالْمَوَدَّةِ أَشَدُّهُمْ لِنَفْسِهِ حُبًّا. وَأَجْوَدُهُمْ أَصْوَبُهُمْ بِالْعَطِيَّةِ مَوْضِعًا. وَأَطْوَلُهُمْ رَاحَةً أَحْسَنُهُمْ لِلْأُمُورِ احْتِمَالًا. وَأَقَلُّهُمْ دَهَشًا (٢) أَرْحَبُهُمْ ذِرَاعًا (٣). وَأَوْسَعُهُمْ غِنًى أَقْنَعُهُمْ بِمَا أُوتِيَ. وَأَخْفَضُهُمْ عَيْشًا (٤)
_________
(١) الْفَلْج: الظَّفَر وَالْفَوْز، وقد فَلَجَ الرجلُ على خَصْمِهِ يَفْلُجُ فَلْجًا. وفَلَج بِحُجَّتِهِ: أي: أَحْسَنَ الإِدْلاَءَ بِهَا فَغَلَبَ خَصْمَهُ. وفي "ك": [وَأَفْلَحُهُمْ - بالحاء المهملة- بِحُجَّةٍ].
(٢) دَهِشَ الرَّجُلُ يَدْهَشُ دَهَشًا: تَحَيَّرَ.
(٣) أي: واسع القوة والقدرة والبطش.
(٤) الْخَفْض: لين العيش وسعته. يقال: عيش خَفْضٌ وَخَافِضٌ وَمَخْفُوضٌ وَخَفِيضٌ.
1 / 44