The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
خپرندوی
دار ابن القيم بالإسكندرية
ژانرونه
كَرِهْتَ (١)، فَقَدْ أَطْلَعْتَ الشَّيْطَانَ عَلَى عَوْرَتِكَ، وَأَمْكَنْتَهُ مِنْ رُمَّتِكَ (٢)، فَأَوْشَكَ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيْكَ فِيمَا تُحِبُّ مِنَ الْخَيْرِ فَيُكَرِّهَهُ إِلَيْكَ، وَفِيمَا تَكْرَهُ مِنَ الشَّرِّ فَيُحَبِّبَهُ إِلَيْكَ.
وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَكَ فِي حُبِّ مَا تُحِبُّ مِنَ الْخَيْرِ التَّحَامُلُ عَلَى مَا يُسْتَثْقَلُ مِنْهُ، وَيَنْبَغِي لَكَ فِي كَرَاهَةِ مَا تَكْرَهُ مِنَ الشَّرِّ التَّجَنُّبُ (٣) لِمَا تُحِبُّ مِنْهُ.
الدُّنْيَا زُخْرُفٌ يَغْلِبُ الْجَوَارِحَ مَا لَمْ تَغْلِبْهُ الْأَلْبَابُ. وَالْحَكِيمُ مَنْ يُغْضِي عَنْهُ طَرْفَهُ وَلَمْ يَشْغَلْ بِهِ قَلْبَهُ. اطَّلَعَ مِنْ أَدْنَاهُ فِيمَا وَرَاءَهُ، وَذَكَرَ [فِي بَدْئِهِ] (٤) لَوَاحِقَ شَرِّهِ، فَأَكَلَ مُرَّهُ، وَشَرِبَ كَدِرَهُ؛ لِيَحْلَوْلِيَ (٥) لَهُ، وَيَصْفُوَ فِي طُولٍ مِنْ إِقَامَةِ الْعَيْشِ الَّذِي يَبْقَى وَيَدُومُ، غَيْرَ عَائِفٍ لِلرَُّشَْدِ (٦) إِنْ لَمْ يَلْقَهُ بِرِضَاهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ طَرِيقِ هَوَاهُ.
_________
(١) في "ك": [كَرِهْتَهُ].
(٢) أي: أمكنت الشيطان من الْمِقْوَد الذي يقودك به، فأصل الرُّمَّة: الحبل يُقلَّد البعير. ومنه قولهم: دفع إليه الشيْءَ برمته، وأصله: أن رجلًا دفع إلى رجلٍ بعيرًا بحبل في عنقه، فقيل ذلك لكل مَن دفع شيئًا بجملته.
(٣) في "ك": [التَّحَبُّبُ]!! وهو تصحيف.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من "ك".
(٥) احْلَوْلَى الشَّيْءُ: حَلاَ وَحَسُنَ.
(٦) أي: غير تاركٍ له. يقال: عَافَ الشَّيْءَ: أي: كَرِهَهُ فَتَرَكَهُ، فهو عائف.
1 / 42