قال: لا تبشرهم فيتكلوا ". أخرجاه في "الصحيحين"١.
الهمزة، فالأصل: فألا أبشر الناس؟ لكن لما كان مثل هذا التركيب ركيكا، وهمزة الاستفهام لها الصدارة، قدمت على حرف العطف، ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ ٢ وقوله تعالى: ﴿أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ﴾ ٣.
والبشارة: هي الإخبار بما يسر. وقد تستعمل في الإخبار بما يضر، ومنه قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ٤ لكن الأكثر الأول.
قوله: "لا تبشرهم": أي: لا تخبرهم، ولا ناهية.
ومعنى الحديث أن الله لا يعذب من لا يشرك به شيئا، وأن المعاصي تكون مغفورة بتحقيق التوحيد، ونهى ﷺ عن إخبارهم، لئلا يعتمدوا على هذه البشرى دون تحقيق مقتضاها، لأن تحقيق التوحيد يستلزم اجتناب المعاصي، لأن المعاصي صادرة عن الهوى، وهذا نوع من الشرك، قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ ٥.
ومناسبة الحديث للترجمة
فضيلة التوحيد، وأنه مانع من عذاب الله.
١رواه البخاري (كتاب اللباس، باب إرداف الرجل خلف الرجل، ٤/٨٤)، ومسلم (كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، ١/٥٨) .
٢ سورة الغاشية آية: ١٧.
٣ سورة يوسف آية: ١٠٩.
٤ سورة آل عمران آية: ٢١.
٥ سورة الجاثية آية: ٢٣.