فقال: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ فنزلت: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ ١ "٢.
قوله: " فقال: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ "٣ الاستفهام يراد به الاستبعاد، أي: بعيد أن يفلح قوم شجوا نبيهم ﷺ قوله: "يفلح" من الفلاح، وهو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب.
قوله: " فنزلت: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ ٤ أي: نزلت هذه الآية، والخطاب فيها للرسول ﷺ و(شيء): نكرة في سياق النفي، فتعم.
قوله: (الأمر) أي: الشأن، والمراد: شأن الخلق، فشأن الخلق إلى خالقهم، حتى النبي ﷺ ليس له فيهم شيء. ففي الآية خطاب للرسول ﷺ وقد شج وجهه، وكسرت رباعيته، ومع ذلك ما عذره الله- سبحانه- في كلمة واحدة: " كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ "٥ فإذا كان الأمر كذلك؟ فما بالك بمن سواه؟ فليس لهم من الأمر شيء" كالأصنام، والأوثان، والأولياء، والأنبياء، فالأمر كله لله وحده، كما أنه الخالق وحده، والحمد لله الذي لم يجعل أمرنا إلى أحد سواه، لأن المخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فكيف يملك لغيره؟ ! ونستفيد من هذا الحديث أنه يجب الحذر من إطلاق اللسان فيما إذا رأى الإنسان مبتلى بالمعاصي، فلا نستبعد رحمة الله منه، فإن الله تعالى قد يتوب عليه. فهؤلاء الذين شجوا نبيهم لما استبعد النبي ﷺ فلاحهم، قيل له: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ ٦.
١ سورة آل عمران آية: ١٢٨.
٢ رواه: البخاري معلقا بصيغة الجزم (كتاب المغازي، باب ليس لك من الأمر شيء، ٣/١٠٨)، ومسلم موصولا (كتاب الجهاد، باب غزوة أحد، ٣/١٤١٧) .
٣ مسلم: الجهاد والسير (١٧٩١)، والترمذي: تفسير القرآن (٣٠٠٢)، وابن ماجه: الفتن (٤٠٢٧)، وأحمد (٣/٢٥٣) .
٤ سورة آل عمران آية: ١٢٨.
٥ مسلم: الجهاد والسير (١٧٩١)، والترمذي: تفسير القرآن (٣٠٠٢)، وابن ماجه: الفتن (٤٠٢٧)، وأحمد (٣/٢٥٣) .
٦ سورة آل عمران آية: ١٢٨.