The Authentic Sunnah and Its Role for al-Siba'i
السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
سنة ٢٠٠٠ م
ژانرونه
اختلاط بعض أقوال النَّبِيِّ الموجزة الحكيمة بالقرآن سَهْوًا من غير عمد، وذلك خطر على كتاب اللهِ يفتح باب الشك فيه لأعداء الإسلام، مِمَّا يتخذونه ثغرة ينفذون منها إلى المُسْلِمِينَ لحملهم على التَحَلُّلِ من أحكامه والتفلت من سلطانه، كل ذلك وغيره - مِمَّا توسع العلماء في بيانه - من أسرار عدم تدوين السُنَّةِ في عهد الرسول، وبهذا نفهم سِرَّ النهي عن كتابتها الوارد في " صحيح مسلم " عن أبي سعيد الخُدري عن رسول الله ﷺ: «لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ».
وهذا لا يمنع أن يكون قد كتب في عصر الرسول شيء مِنَ السُنَّةِ لا على سبيل التدوين الرسمي كما كان يُدَوِّنُ القرآن، وهناك آثار صحيحة تدل على أنه وقع كتابة شيء مِنَ السُنَّةِ في العصر النبوي. فقد أخرج البخاري في " صحيحه " في كتاب العلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ - بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ القَتْلَ، أَوِ الفِيلَ» - شَكٌّ مِنَ البُخَارِيِّ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَالمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ بَعْدِي، أَلاَ وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ» (١) فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ فَقَالَ: " اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ "، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ» (٢).
كما ثبت أن رسول الله ﷺ كتب إلى ملوك عصره وأمراء جزيرة العرب كُتُبًا يدعوهم فيها إلى الإسلام (٣) وكان ينفذ مع بعض أمراء سراياه كُتُبًا ويأمرهم أن لا يقرؤها إلا بعد أن يجاوزوا موضِعًا مُعيَّنًا.
(١) أي يقاد لهم من القاتل كما في " فتح الباري ": ١٢/ ١٧٥. (٢) أخرجه البخاري، والدارمي، والترمذي، والإمام أحمد. (٣) انظر " طبقات ابن سعد ": ٢/ ٢٢ - ٥٦.
1 / 77