The Authentic Comprehensive Biography of the Prophet
الجامع الصحيح للسيرة النبوية
خپرندوی
مكتبة ابن كثير
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
د خپرونکي ځای
الكويت
ژانرونه
وعشرون سنة، أيقن أن محمدًا ﷺ، رسول الله حقًّا، وأن ما كان يمنحه الله من ثبات وقوة وتأييد ونصر، ليس إلا لأنه نبيّ حقًّا .. وما كان الله يؤيّد من يكذب عليه هذا التأييد الفريد في التاريخ، فسيرة الرسول ﷺ تثبت لنا صدق رسالته بطريق عقلي بحت، وبطريق عملي بحت، ومن المؤكد أن المسلمين الذين لم يروا النبي ﷺ، ولم يشاهدوا معجزاته، إنما آمنوا بصدق رسالته للأدلة القاطعة على صدق الرسول ﷺ .. والقرآن الكريم هو المعجزة الكبرى التي تلزم كل عاقل منصف أن يؤمن بصدق الرسول ﷺ في رسالته!
وهذا يختلف تمامًا عن سير الأنبياء السابقين المحفوظة لدى أتباعهم، فهي تدلنا على أن الناس إنما آمنوا بهم لما رأوا على أيديهم من معجزات وخوارق، دون أن يحكّموا عقولهم في مبادئ دعواتهم فتذعن لهم!
وأوضح مثل لذلك عيسى ﵇ فإن القرآن الكريم بيّن الدعامة الأولى في إقناع اليهود بصدق رسالته، وهي أن كل خارقة من الخوارق التي جاءهم بها من عند الله (١) هي في عمومها تتعلق بإنشاء الحياة أو ردّها أو ردِّ العافية، وهي فرع عن الحياة، ورؤية غيب بعيد عن مدى الرؤية .. والأناجيل الحاضرة تروي لنا أن هذه المعجزات هي وحدها التي كانت سببًا في إيمان الجماهير دفعة واحدة له، لا على أنه رسول، بل على أنه إله أو ابن إله، وحاشا لله!
ومن هنا نرى هذه الميزة الواضحة في سيرة الرسول ﷺ، أنه من آمن به آمن عن اقتناع عقلي ووجداني، وإذا كان الله قد أكرم رسوله بالمعجزات الخارقة فما ذلك إلا لإكرامه له، وإفحام معانديه المكابرين!
(١) انظر: في ظلال القرآن: ١: ٣٩٩.
1 / 101