The Art of Journalistic Essay in the Literature of Taha Hussein
فن المقال الصحفي في أدب طه حسين
خپرندوی
الهيئة المصرية العامة للكتاب
د ایډیشن شمېره
-
ژانرونه
والأدباء للأدباء، ولكن ذلك شيء واختلاف الذوق شيء آخر، وهؤلاء كتاب أوربا وأدباؤها يتحدث بعضهم إلى بعض، ويتحدثون إلى جمهور الناس في الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية، فلا يختلف الذوق الأدبي فيما يكتبون باختلاف القرَّاء، وإنما يؤثرون الوضوح والجلاء حينًا؛ فيطنبون ويسهبون ويصطنعون ألفاظًا ألفها الناس، ويؤثرون القصد والإيماء حينًا؛ فيوجزون ويتخيَّرون ألفاظًا منتقاة، والذوق هو الذوق، والكتابة هي الكتابة، وروح العصر الذي يعيشون فيه هو فيما يكتبون لنظرائهم، وفيما يكتبون لعامَّة الناس"١.
فالبلاغة الجديدة -إذن- في الاتصال بالجماهير عند طه حسين لا تتناول الألفاظ وحدها، وإنما تتناول الألفاظ والأساليب والمعاني و"فنون القول على اختلافهما. علينا أن نحتفظ بقواعد اللغة ونظمها العامة فلا نفسدها، ولكن علينا أن نخضع هذه اللغة لما نشعر ولما نجد، وأن نمنحها من المرونة ما يمكنها من أن تكون أداة صالحة لوصف ما نشعر وما نجد"٢.
وتأسيسًا على هذا الفهم، فإننا نحاول فيما يلي إيجاز الخصائص والسمات العامة لهذه البلاغة الجديدة في مقال طه حسين:
١ السياسة في ١٣ يونيو ١٩٢٣، المرجع السابق ص١٦. ٢ السياسة في ٢٧ يونيو ١٩٢٣، المرجع السابق ص٣٦.
التبسيط والنمذجة الصحفية:
والتبسيط سمة من أهم سمات الفنِّ الصحفيِّ الذي يعرض الأحداث والأفكار عرضًا يرتبط بظروف المرسل والمستقبل جميعًا١، ولذلك تسعى البلاغة الجديدة إلى النمذجة والتبسيط؛ لأن العقلية الجماهيرية تركن إلى الاستعانة بالرموز والأنماط والنماذج والتبسيط لتقوم مقام التجربة الفردية أو الجماعية٢، ذلك أن قيود الاتصال الصحفي -كما يقول طه حسين- تقتضي "السرعة والنظام الدقيق، وتحتاج بعد هذا كله إلى أن تملأ الصحف الأنهار التي أخذت نفسها بأن تقدمها إلى قرَّائها في كل يوم أو في كل أسبوع"٣، فإذا كان "الأديب يكتب للذين يسيغون الأدب ويقولونه ويجدون في قراءته لذَّةً ومتاعًا"٤ فإن "الصحفي يكتب لكل قارئ، أو قل: يكتب لكل إنسان، فما أكثر ما يجلس الأميُّون إلى هذا القارئ أو ذاك ويستمعون لما يُتْلَى عليهم.
١، ٢ الدكتور إبراهيم إمام: مرجع سبق ص٤٥، ٤٦، ٤٧. ٣، ٤ من أدبنا المعاصر ص١٦٩.
1 / 110