152

The Approach of Sheikh Abdul Razzaq Afifi and His Efforts in Establishing Creed and Responding to Opponents

منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين

ژانرونه

فيقال لمن نفى الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلًا في المخلوقات، أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أنَّ الله فوق العالم مباين للمخلوقات. وكذلك يقال لمن قال: الله في جهة، أتريد بذلك أن الله فوق العالم؟ أو تريد به أنَّه داخل في شيء من المخلوقات؟ فإن أردت الأول؛ فهو حق، وإن أردت الثاني؛ فهو باطل" (١). ويقول شيخ الإسلام: كذلك: "فإذا قال القائل: هو في جهة أو ليس في جهة؟ قيل له: الجهة أمر موجود أو معدوم، فإن كان أمرًا موجودًا، ولا موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق بائن عن المخلوق؛ لم يكن الرب في جهة موجودة مخلوقة، وإن كانت الجهة أمرًا معدومًا؛ بأن يسمى ما وراء العالم جهة، فإذا كان الخالق مباينًا العالم، وكان ما وراء العالم جهة مسماة، وليس هو شيئًا موجودًا؛ كان الله في جهة معدومة بهذا الاعتبار. لكن؛ لا فرق بين قول القائل: هو في معدوم، وقوله: ليس في شيء غيره؛ فإنَّ المعدوم ليس شيئًا باتفاق العقلاء. ولا ريب أن لفظ الجهة يريدون به تارة معنىً موجودًا، وتارة معنىً معدومًا، بل المتكلم الواحد يجمع في كلامه بين هذا وهذا، فإذا أزيل الاحتمال؛ ظهر حقيقة الأمر. فإذا قال القائل: لو كان في جهة؛ لكانت قديمة معه. قيل له: هذا إذا أريد بالجهة أمرٌ موجود سواه؛ فالله ليس في جهة بهذا الاعتبار. وإذا قال: لو رئُي؛ لكان في جهة، وذلك محال. قيل له: إن أردت بذلك: لَكَانَ فِي جِهَةٍ مَوْجُودَةٍ؛ فذلك محال؛ فإن الموجود يمكن رؤيته، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْجُودٍ غَيْرِهِ؛ كالعالم، فإنه يمكن رؤية سطحه وليس هو في عالم آخر. وإن قال: أردت أنه لا بدَّ أنَّ يكون فيما يسمى جهة، ولو معدومًا؛ فإنه إذا كان مباينًا للعالم؛ سمي ما وراء العالم جهة. قيل له: فلم قلت: إنه إذا كان في جهة بهذا الاعتبار كان ممتنعًا؟ فإذا قال: لأن ما باين العالم ورئُي لا يكون إلا جسمًا أو متحيزًا؛ عاد القول إلى لفظ الجسم والمتحيز كما عاد إلى لفظ الجهة. فقال له: المتحيز يراد به ما حازه غيره. ويراد به ما بان عن غيره فكان متحيزًا عنه، فإن أرادت بالمتحيز الأول؛ لم يكن سبحانه متحيزًا؛ لأنه بائن

(١) الرسالة التدمرية القاعدة الثانية (٦٠ - ٦٨).

1 / 152