104

The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

ژانرونه

واقْتَصِر البغوي على قوله في آية "البقرة": وهَذه الآيَة في أقْوَام حَقَّتْ عَليهم كَلِمة الشَّقاوة في سَابِق عِلْم الله (^١). ونقل ابن عطية "الاتِّفَاق على أنها غَير عَامَّة لِوُجُود الكُفَّار [الذين] (^٢) قد أسْلَمُوا بَعدها" (^٣). ويَرى الزمخشري أن آية "البقرة" في "العُتَاة الْمَرَدَة مِنْ الكُفَّار، الذين لا يَنْفَع فيهم الْهُدَى، ولا يُجْدِي عليهم اللُّطْف، وسَواء عليهم وُجُود الكِتاب وعَدَمه، وإنْذَار الرَّسُول وسُكُوته" (^٤). أمَّا الرازي فَقَال: اخْتَلَف أهْلُ التَّفْسِير في الْمُرَاد هَهنا بِقَولِه: (الَّذِينَ كَفَرُوا)؛ فَقَال قَائلُون: إنهم رُؤسَاء اليَهُود الْمُعَانِدُون الذين وَصَفهم الله تَعالى بأنهم يَكْتُمون الْحَقّ وهُم يَعْلَمُون، وهو قَول ابن عباس ﵄. وقال آخَرُون: بل الْمُرَاد قَوْم مِنْ الْمُشْرِكين، كَأبي لَهب وأَبي جَهل والوَليد بن الْمُغيرة وأضْرَابهم، وهُم الذين جَحَدُوا بَعد البَيِّنَة، وأنْكَرُوا بَعد الْمَعْرفة، ونَظيره مَا قَال الله تَعالى: (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٤) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ) [فصلت: ٤، ٥]، وكَان ﵇ حَريصًا عَلى أن يُؤمِن قَومه جَمِيعًا، حَيث قَال الله تَعالى لَه: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) [الكهف: ٦]، وقال: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس: ٩٩]، ثم إنه ﷾ بَيَّن له ﵇

(^١) معالم التنزيل، مرجع سابق (١/ ٤٩). (^٢) زيادة يقتضيها السياق. (^٣) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٨٧). (^٤) الكشاف، مرجع سابق (ص ٤٠).

1 / 104