د اسلام انقلاب او انبياوو قهرمان: ابوالقاسم محمد بن عبدالله
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
ژانرونه
ولدينا فيما يتعلق بالأمة العربية دليل على أسبقية الغزل على سائر فنون الشعر؛ وهو أنهم منذ جاهليتهم يبدءون قصائدهم بالغزل مهما تكن أغراض تلك القصائد بعيدة عن مرح الغزل، أكبر مبرر للشعر، ولقد سنوا بذلك لمن جاء بعدهم البدء بالغزل في قصائدهم لإثارة وجدان السامع والاستيلاء على مشاعره قبل الخوض في موضوعات قصائدهم. وأعجب الأمر أن ذلك التقليد كاد يلازم جميع العصور حتى يومنا هذا؛ فلم يتحرر منه شعراء مصر إلا في السنوات الأخيرة.
1
قلت إن الغزل لون من ألوان الشعر نجده في أدب كل أمة، ولكنه يقل ويكثر نسبيا تبعا لظروف كل أمة ومؤثراتها، كما كان الشأن عند شعراء العرب قبل الإسلام. ولنلق الآن نظرة سريعة في الغزل الجاهلي.
غزل العرب في الجاهلية؛ كانت دواعي الغزل موفورة لعرب الجاهلية؛ فقد كانوا يعيشون في معظم الأحيان في خيامهم التي يقيمونها في مواضع الكلأ حيث ترعى إبلهم، وكانوا يأتون إليها من كل فج في جزيرتهم ويقيمون فيها حتى يجف الماء وينفد الكلأ، فيرتحلون إذ ذاك كل فريق في اتجاه، ويومئذ يفترق المحبون بعد طول لقاء فيتألمون للوعة الفراق ويبكون أيامهم المواضي!
ولأصور لكم الآن تلك المرأة التي فتنت ألباب الشعراء في ذلك العصر وحركت عواطفهم وأوحت إلى خيالهم ما أوحته من الوصف والابتكار، أصورها لكم كما رأيتها في شعرهم، أو على الأصح في شعر أساطينهم الذين وصلت إلينا دواوينهم من أصحاب المعلقات وأضرابهم.
2
هي امرأة طويلة سامقة، حسنة القوام بطيئة الخطى، مشرقة المحيا ساحرة العينين بهما كحل، بضة الجسم لينته، أسيلة الخد منصوصة الجيد طويلة الشعر فاحمته، تستوي على ساقين كالأنابيب الريانة ليونة وكالعاج أو الرخام بياضا، مليئة الصدر مصقولته صقل المرآة، هضيمة الكشح دقيقة الخصر ثقيلة الأرداف مليئة الذراعين رخصة الأنامل، فإذا ابتسمت ابتسمت عن أسنان بيضاء كاللؤلؤ أو كشوك السيال (وهو نبت أبيض مستطيل)، أو كالأقحوان أو كالبرد، وهي لمياء الشفتين أو لعساؤهما (أي سمراؤهما)، وريقها عذب كالخمر أحيانا وكالعسل أحيانا أخرى، وقد يكون مزيجا من الشهد والأترج والتفاح، وإذا تنفست كان لنفسها شذا طيب كأنه العطر المستخرج أو الروضة الأنف، بل إن لهذه المرأة في نفوس الشعراء، رائحة زكية عبقة تفوح من نفسها ومن أردانها ومن مقصورتها.
3
وقلما نجد هذه المرأة متحلية بأدوات من الزينة من أساور وعقود، ولا عجب؛ فقد كانت غنية بحليتها الفطرية عن التحلي، وبجمالها الطبيعي عن يد التجمل، ألم توص المرأة العربية ابنتها قبيل زفافها بقولها: «واعلمي أن أطيب الطيب الماء»؟ قلت قلما نجدها متحلية متزينة؛ فقد وجدت قليلا من وصف الحلي ولا سيما على لسان الأعشى والنابغة، ولكن لذلك سرا سأشرحه بعد.
4
ناپیژندل شوی مخ