د اسلام انقلاب او انبياوو قهرمان: ابوالقاسم محمد بن عبدالله
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
ژانرونه
ولكن العرب أساءوا إلى بعضهم وحاربوا البعض وعصوهم ونسوا تعاليمهم فمحيت من ذاكرتهم؛ وإذن كانت الديانة السماوية سابقة للأوثان، والوثنية طارئة؛ فهي نوع من الانحطاط الأدبي يصيب الأمم في عاطفتها الدينية. ويرى بعض المستشرقين غير ذلك محتجين بأن الصلة بين الحنيفية والإسلام مصطنعة غايتها تمجيد الإسلام ورفعة شأنه بنسبته إلى دين سماوي سابق، ويدعمون زعمهم بأن الرسالة السماوية أرقى من الوثنية؛ فلا يمكن أن تزول أمامها، ولكنهم نسوا أن اليهود أنفسهم بعد أن خرجوا من مصر متبعين موسى صاحب التوحيد ضلوا في عقيدتهم كما ضلوا في الصحراء، وعبدوا عجلا صنعوه تقليدا للعجل آبيس معبود مضطهديهم! فمن الممكن أن يطرأ على العرب من الضلال ما يطرأ على غيرهم، فعبدوا الأوثان بعد أن نسوا ملة إبراهيم والأنبياء ذوي الرسالة السماوية. بيد أن العرب لم يحرموا الإرشاد الآدمي؛ فكان لهم غير الأنبياء الذين ذكرهم القرآن ومن لم يذكرهم لقمان الحكيم، وقد ورد في القرآن ذكر نصائحه لولده، وإذا حق هذا القول على العرب البائدة كعاد وثمود فلا يحق على قريش، فلم يجئهم قبل محمد
صلى الله عليه وسلم ، ولم ينزل عليهم قبل القرآن كتاب، والذي ثبت لدينا أن قريشا عبدت الأوثان عن أجدادها واستمرت على تلك العبادات قرونا، ثم بعث إليها بمحمد
صلى الله عليه وسلم ؛ فمن الوثنية الصريحة الواضحة إلى التوحيد المطلق والتشريع الاجتماعي، شقة بعيدة ومرحلة طويلة وصدمة شديدة لم يقووا على تلقيها؛ فقد كانت عبادة قريش وثنية منحطة ومختلطة، فإذا ضربنا صفحا عن شاعر يسب صنما أو يرجمه؛ لأنه لم يفته بما أراد، رأينا بعضهم يعبد أجداده ويقدم الضحايا للموتى كما ذكر العلامة جولد زيهر في كتابيه «الإسلام» و«السنة المحمدية» (ص230، ج1) أو يضحون بأبنائهم كالإغريق (إلياذة).
وأقرب أخبارهم إلينا شروع عبد المطلب في ذبح ولده عبد الله والد النبي قبل أن يولد محمد، وفاء لنذر سابق. بل إن أكل لحوم البشر لم يكن مبغوضا لديهم بعد أن تذوقوا لحم الضواري غير ناضجة، فزعموا أن من يأكل قلب الأسد يكسب شجاعته، ولكن هندا زوجة أبي سفيان من أرقى نساء قريش في الجاهلية، وهي أم معاوية مؤسس الدولة الأموية، شرعت في أكل كبد حمزة بن عبد المطلب عم الرسول
صلى الله عليه وسلم
جهارا بعد اغتياله في موقعة أحد، ودفعت لهذا التشفي ثمنا غاليا. وأغرب من هذه الفعلة الوحشية ما يروى من أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ملك زمام نفسه وكظم غيظه وبشر هندا بالجنة ما دام جزء من دم عمه الشهيد وجد سبيلا إلى جوفها! وكان بعضهم يشرب الماء والخمر ممزوجين بالدم في جماجم أعدائه مبالغة في الانتقام! فمن أين لهذه الجماعة الهمجية بالحضارة والثقافة والديانة والنثر الفني والحكمة التي اصطنعها المؤرخون الكاذبون والملحدون المقلدون.
أما ما وراء الطبيعة فكان علما غامضا في أذهان العرب؛ فكان العالم في رأيهم حافلا بالجن المتدخلين في شئون البشر يحاربونهم أو يؤاخذونهم ويوحون إليهم علوم الغيب على ألسنة الكهان كسطيح وشق، ويصاهرونهم ويؤمنون بمعتقداتهم أو يكفرون بها ويحتالون لهم أو يحتالون عليهم، وكانت عقيدتهم أن الروح البشرية عند فراق الجسد تنقلب طيرا، وما زالوا مشغولين بماهية الروح حتى سألوا عنها النبي
صلى الله عليه وسلم
ناپیژندل شوی مخ