الحمد لله الذي ابتدأ الإنسان بنعمته وصوره في الأرحام بحكمته وأبرزه إلى رفقه وما يسره له من رزقه وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما ونبه بآثار صنعته وأعذر إليه على ألسنة المرسلين الخيرة من خلقه فهدى من وفقه بفضله
ــ
بلغه أمنيته حتى يرضى فهو أخص مما قبله "الحمد لله" ولما كانت النعم موجبة لشكر موليها وللقيام بحق مسديها وكان التأليف من أعظمها قال المؤلف لإنشاء الثناء الحمد لله أي الثناء بحميل الصفات مستحق لله "الذي ابتدأ الإنسان بنعمته" أي ابتدأ خلقه بإيجاده تفضلا وإحسانًا منه لا وجوبا عليه "وصوره في الأرحام" الضمير في قوله وصوره يرجع إلى الإنسان وأفرده وإن كان المصور في الأرحام غير واحد مراعاة للفظ الإنسان وخص الإنسان وإن كان غيره كذلك يصور في الرحم لشرفه "وأبرزه إلى رفقه" أي أخرجه من ضيق الرحم إلى رحب الدنيا وأغدق عليه الأرزاق وكمله بالمعارف فالرفق حاصل له في كلا النشأتين نشأته في الأرحام ونشأته في سعة الدنيا "ونبهه بآثار صنعته" أي أيقظ الله الإنسا وجعل له عقلا يستدل به ونصب له الآثار الدالة على باهر الصنعة وكمال القدرة والوجود المطلق وسعة العلم والآثار جمع أثر وهو كل ما يدل على المؤثر كما تقرر عند ذوي العقول ونطق به القرآن الحكيم قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾ والآيات هي الآثار الدالة على وجود الصانع "وأعذر إليه على ألسنة المرسلين" أي قطع عذره فلا عذر له بعد إرسال الرسل وإلا لقال لولا أرسلت إلي رسولًا فأتبع آياتك "فهدى من وفقه بفضله" هداه
1 / 3