239

تبسيط العقائد الإسلامية

تبسيط العقائد الإسلامية

خپرندوی

دار الندوة الجديدة

شمېره چاپونه

الخامسة

د چاپ کال

١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

ولكن أشركوهم مع الله تعالى فيما هو من خصوصيات الإله أصلًا وحقيقة وهو التحليل والتحريم. فإن الحكم على الشيء بكونه حلالًا أو حرامًا هو تشريع من الله وحده ولا يحق لبشر أن يفعله إلا بإذن من الله تعالى وفيه الحدود المرسومة، كما أذن الله للرسل في ذلك باعتبارهم معصومين ومبلغين عنه تعالى وكما أذن للعلماء أن يجتهدوا فيما لا نص فيه.
وهذه الآية قد فسرها رسول الله ﷺ لعدي بن حاتم - وكان نصرانيًا قبل أن يسلم - ولما جاء مسلمًا دخل على رسول الله ﷺ فقرأ عليه هذه الأية: قال: - أي عدي - فقلت إنهم لم يعبدوهم فقال: بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم" - رواه أحمد والترمذي وحسنه، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى هذه الآية: هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين.
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على هذا التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله اتباعًا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر. وقد جعله الله ورسوله شركًا، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم. فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك المخالف دون ما قاله الله ورسوله مشركًا مثل هؤلاء.
الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتًا لكنهم أطاعوا علماءهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب كما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: "إنما الطاعة في المعروف".
ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام إن كان مجتهدًا قصده اتباع الرسول لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخده الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه.

1 / 243