لي) أَي يظْهر (من بحث) وَهُوَ فِي اللُّغَة التفتيش، وَفِي الِاصْطِلَاح إِثْبَات حَال الشَّيْء (وتحرير) تَحْرِير الْكتاب وَغَيره تقويمه (فَظهر لي بعد) كِتَابَة شَيْء (قَلِيل) أَو بعد قَلِيل من الزَّمَان (أَنه) أَي الْكتاب الْمَشْرُوع فِيهِ (سفر) أَي كتاب (كَبِير وَعرفت من أهل الْعَصْر انصراف هممهم) جمع همة بِالْكَسْرِ: وَهِي مَا يهم بِهِ من أَمر ليفعله، شاع فِي الْبَاعِث القلبي المنبعث من النَّفس بمطلوب كمالي ومقصود عَال (فِي غير الْفِقْه إِلَى المختصرات. وإعراضهم عَن الْكتب المطولات) عدم انصراف هممهم فِي الْفِقْه هَهُنَا، أما لكَونه ضَرُورِيًّا للْكُلّ بِاعْتِبَار حوادث جمة لَا تكَاد تُوجد إِلَّا فِيهَا، وَإِمَّا لما ترَتّب عَلَيْهِ من حطام الدُّنْيَا، والأغلب هُوَ الثَّانِي، والاختصار رد الْكثير إِلَى الْقَلِيل مَعَ بَقَاء مَعْنَاهُ: وَهُوَ أقرب إِلَى الْحِفْظ وَأنْشط للقارئ وأوقع فِي النَّفس، قَالَ ﷺ " أُوتيت جَوَامِع الْكَلم واختصرت لي الْحِكْمَة اختصارا " وَقَالَ الْحسن بن عَليّ ﵄ " خير الْكَلَام مَا قل وَدلّ وَلم يطلّ فيمل " (فعدلت إِلَى مُخْتَصر مُتَضَمّن إِن شَاءَ الله تَعَالَى الغرضين) بَيَان الاصطلاحين على الْوَجْه الْمَذْكُور وَضم مَا يظْهر لَهُ (واف بِفضل الله سُبْحَانَهُ بتحقيق مُتَعَلق العزمين) الإفصاح والاختصار، وَلَا يخفى على من أتقن هَذَا الْمُخْتَصر الْجَامِع لما فِي المختصرات والمطولات مَعَ كَمَال التدقيق وَالتَّحْقِيق، وَأما الإفصاح وَإِن تبادر إِلَى الْوَهم ضِدّه لما فِيهِ من الصعوبة الَّتِي تعجز عقول الفحول إِلَّا من خصّه الله بمزيد التَّوْفِيق: فقد وَقع على أتم الْوُجُوه الممكنة فِي مثله مِمَّا لَفظه إِلَى مَعْنَاهُ كقطرة بِالنّظرِ إِلَى بَحر عميق (غير أَنه) أَي الْمُخْتَصر (مفتقر إِلَى الْجواد الْوَهَّاب تَعَالَى أَن يقرنه بِقبُول أَفْئِدَة الْعباد) الْجواد السخي، من أَسمَاء الله تَعَالَى من صِفَات الْأَفْعَال، وَكَذَا الْوَهَّاب إِلَّا أَن فِيهِ زِيَادَة مُبَالغَة " وَأَن يقرنه " بِحَذْف الْجَار مُتَعَلق بمفتقر، والأفئدة جمع فؤاد، وَهُوَ الْقلب: أَفَادَ أَن حسن التَّأْلِيف وكماله لَا يُوجب الْقبُول، لِأَنَّهُ موهبة من الله سُبْحَانَهُ، وَلَقَد تأدب فِي سُؤَاله الْمُقَارنَة بقبولها مَعَ الْخَلِيل ﷺ حَيْثُ قَالَ: - ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم﴾ - (وَأَن يتفضل عَلَيْهِ) أَي الْمُخْتَصر: أَي على مُؤَلفه على تأليفه، وَفِيه إِيهَام أَنه بِمَنْزِلَة طَالب لِلْأجرِ، ويلائمه مَا سبق من وَصفه بالافتقار (بِثَوَاب يَوْم التناد) أَي يَوْم الْقِيَامَة، سمي بِهِ لِأَنَّهُ يُنَادي فِيهِ بَعضهم بَعْضًا للاستغاثة، أَو يتنادى أَصْحَاب الْجنَّة وَأَصْحَاب النَّار، وَقيل غير ذَلِك، وَهَذَا إِذا لم تكن الدَّال مُشَدّدَة، فَإِن كَانَت فَالْمَعْنى يند بَعضهم من بعض: أَي يفر (وَالله سُبْحَانَهُ أسأله ذَلِك) أَي الْقبُول وَالثَّوَاب، وَتَقْدِيم الْمَفْعُول لإِفَادَة الْحصْر كَمَا فِي - ﴿إياك نستعين﴾ - (وَهُوَ حُسَيْنًا) كافينا (وَنعم الْوَكِيل) قيل بِمَعْنى موكول إِلَيْهِ تَدْبِير الْبَريَّة وَغَيره على الْحَذف والإيصال، أَو الْكَفِيل بالرزق، أَو الْمعِين، أَو الشَّاهِد، أَو الحفيظ أَو الْكَافِي، وَقدم الْمَخْصُوص بالمدح لإِفَادَة التَّخْصِيص (وسميته: بالتحرير) لتقويمه
1 / 7