كَانَ لَهُ مطلب وَاحِد علمي يعمد إِلَى أُمُور مُنَاسبَة لذَلِك الْمطلب فيبحث عَن أحوالها الَّتِي لَهَا مدْخل فِي الإيصال إِلَيْهِ فَيصدق على كل وَاحِد من تِلْكَ الْأُمُور الْكَثِيرَة مَا يبْحَث عَن حَاله للإيصال إِلَى غَايَة كَذَا، وَلَا يَعْنِي بوحدة الْمَوْضُوع الأمثل هَذَا (أول الملاحظة) ظرف للاستتباع يَعْنِي الاستتباع الْمَذْكُور بِاعْتِبَار مُلَاحظَة الْغَايَة أَولا، فَإِن مدون الْعلم يُلَاحظ الْغَايَة أَولا، لِأَنَّهَا الباعثة لإقدامه على التدوين فملاحظته إِيَّاهَا من حَيْثُ يستدعى تدوين علم مَوْضُوعه كَمَا عَرفته مُتَقَدّمَة، وَأما بِاعْتِبَار تحققهما فِي الْخَارِج، فَالْأَمْر بِالْعَكْسِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَفِي التَّحْقِيق إِلَّا تصافى بِالْقَلْبِ ١) يَعْنِي إِذا نَظرنَا إِلَى تحقق الوحدتين من حَيْثُ أَنَّهُمَا وصفان ثابتان لموصوفيهما أَي الْغَايَة والموضوع وجدنَا وحدة الْمَوْضُوع سَابِقَة على وحدة الْغَايَة ضَرُورَة تَأَخّر وصف الْمُتَأَخر عَن وصف الْمُتَقَدّم وَتَأَخر الْعلَّة الغائية عَن معلولها بِاعْتِبَار الْوُجُود الْخَارِجِي (وَأَسْمَاء الْعُلُوم الْمُدَوَّنَة مَوْضُوعَة لكل) من الكثرتين لِأَن الِاسْتِعْمَال فِي كل مِنْهُمَا على السوية، وَهُوَ دَلِيل الْوَضع عِنْد عدم الِاحْتِيَاج إِلَى الْقَرِينَة وَلم يذكر الملكة مَعَ أَنهم جَعَلُوهُ من جملَة مسمياتها، لِأَن أَكثر الاستعمالات يَأْبَى عَنْهَا وَيلْزم أَن لَا يكون إِطْلَاق اسْم الْعلم على الْأَلْفَاظ والنقوش من بَاب تَسْمِيَة الدَّال باسم الْمَدْلُول (وَكَذَا الْقَاعِدَة والقضية) مَوْضُوعَة لكل من الادراكات إِدْرَاك الْمَحْكُوم عَلَيْهِ، وَبِه وَالنِّسْبَة وَالْحكم ومتعلقاتها، والقضية أَعم من الْقَاعِدَة، فالقاعدة قَضِيَّة كُلية منطبقة على جزئياتها كَقَوْلِنَا: الْفَاعِل مَرْفُوع وجزئياتها كزيد مَرْفُوع فِي جَاءَ زيد، والقضية قَول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب (فعلى) اعْتِبَار (الأول) وَهُوَ وَضعهَا للادراكات (هُوَ) أَي أصُول الْفِقْه (إِدْرَاك الْقَوَاعِد الَّتِي يتَوَصَّل بهَا إِلَى استنباط الْفِقْه) وَجه التَّوَصُّل أَن الْأَدِلَّة التفصيلية تدل على الْأَحْكَام الْفِقْهِيَّة بِوَاسِطَة كيفيات فِيهَا متنوعة، وكل قَاعِدَة من الْأُصُول تبين نوعا من تِلْكَ الكيفيات وَعند الاستنباط كَمَا تقع الْحَاجة إِلَى معرفَة تِلْكَ الكيفيات تقع إِلَى معرفَة الْقَوَاعِد المبينة لَهَا، لِأَن معرفَة تِلْكَ الكيفيات بِدُونِ الْقَوَاعِد لَا تخلص عَن الشُّبْهَة، وَلَا يرد عَلَيْهِ قَوَاعِد الْعَرَبيَّة والمنطقية لِأَن التَّوَصُّل بهَا بعيد والمتبادر مِنْهُ الْقَرِيب (وَقَوْلهمْ) أَي الْأُصُولِيِّينَ فِي التَّعْرِيف (عَن الْأَدِلَّة التفصيلية) بعد قَوْلهم هُوَ الْعلم بالقواعد الَّتِي يتَوَصَّل بهَا إِلَى استنباط الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة (تَصْرِيح بِلَازِم) يفهم ضمنا، لِأَن المُرَاد استنباط الْأَحْكَام تَفْصِيلًا، وَهُوَ لَا يكون إِلَّا عَن أدلتها تَفْصِيلًا فَهُوَ لمزيد الْكَشْف لَا للِاحْتِرَاز فَلَا يضر تَركه (وَإِخْرَاج) علم (الْخلاف) عَن التَّعْرِيف (بِهِ) أَي القَوْل الْمَذْكُور (غلط) لِأَنَّهُ علم يتَوَصَّل بِهِ إِلَى حفظ الْأَحْكَام المستنبطة الْمُخْتَلف فِيهَا أَو هدمها، لَا إِلَى الاستنباط، وَكَذَلِكَ علم الجدل فَإِنَّهُ علم يتَوَصَّل بِهِ إِلَى حفظ رَأْي أَو هَدمه، أَعم من أَن يكون
1 / 14