بطرِيق الانقلاب خلاف الظَّاهِر، وَلَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيل، وَلَا دَلِيل سوى الْإِضَافَة، وَهُوَ ضَعِيف لَا يُقَاوم عقلية سَبَب الْحِنْث، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَإِن أضيفت) الْكَفَّارَة (إِلَيْهِ) أَي الْحلف (فِي النَّص) الْمَذْكُور فَإِنَّهَا من إِضَافَة الحكم إِلَى شَرطه (كإضافة صَدَقَة الْفطر عندنَا) فَإِن الْفطر عندنَا شَرطهَا وسببها رَأس يمونه ويلي عَلَيْهِ، وَبِالْجُمْلَةِ دلَالَة الْإِضَافَة على السَّبَبِيَّة لَيست بِأَمْر مُسلم، وَلَا سِيمَا إِذا وجد مَا هُوَ مُتَعَيّن للسَّبَبِيَّة نظرا إِلَى مَا يفيدها لَهُ (وَوَجهه) أَي وَجه مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ: من أَن الشَّرْط مَانع من انْعِقَاد سَبَبِيَّة مَا علق عَلَيْهِ لحكمه (أَولا أَن السَّبَب) الشَّرْعِيّ هُوَ المفضي إِلَى الحكم) أَي الطَّرِيق الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ (وَالتَّعْلِيق) أَي تَعْلِيق السَّبَب الْمَذْكُور (مَانع من الْإِفْضَاء) أَي من إفضائه إِلَى الحكم قبل وجود الشَّرْط (لمَنعه) أَي التَّعْلِيق السَّبَب الَّذِي علق من التَّأْثِير (من الْمحل) أَي مَحل الحكم، وَذَلِكَ لِأَن السَّبَب كَأَنْت طَالِق إِنَّمَا يُؤثر شرعا فِي مَحَله الَّذِي هُوَ ملك النِّكَاح إِنَّمَا نجز من غير تَعْلِيق بِشَيْء، وَإِذا علق بِهِ مَنعه عَن التَّأْثِير إِلَى حِين وجوده، فَعِنْدَ ذَلِك يصير تنجيزا (والأسباب الشَّرْعِيَّة لَا تصير قبل الْوُصُول إِلَى الْمحل أسبابا) وَالْمرَاد بوصوله: تعلقه بِهِ عِنْد وجود الْمُعَلق بِهِ، فَإِن الْمُتَكَلّم لم يقْصد تعلق مُوجب السَّبَب، وَهُوَ الطَّلَاق بِالْمحل الَّذِي هُوَ ملك النِّكَاح إِلَّا عِنْده فَلَا وُصُول قبله، فتسميتها قبل الْوُصُول أسبابا بِاعْتِبَار مَا تئول إِلَيْهِ (فضعف قَوْله) أَي الشَّافِعِي ﵀ (السَّبَب) بِوُقُوع الطَّلَاق قَول الْمُعَلق (أَنْت طَالِق، وَالشّرط لم يعدمه) لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ عدم إعدامه ذَات السَّبَب من حَيْثُ هِيَ، فَلَا يجديه نفعا، وَإِن أَرَادَ من حَيْثُ إِنَّهَا سَبَب فَغير مُسلم لما عرفت من منع الْإِفْضَاء إِلَى آخِره (فَإِنَّمَا أخر الحكم) يَعْنِي لَا يمْنَع انْعِقَاد السَّبَب بل يُؤَخر الحكم إِلَى وجود الشَّرْط (وَأورد) علينا إِذا منع الشَّرْط انْعِقَاد السَّبَب وَالْحكم مَعًا لزم عدم إِفَادَة مَا علق بِهِ الشَّرْط شَيْئا (فَيجب أَن يَلْغُو) ذكر السَّبَب الْمُعَلق لعدم الإفادة شَيْء من الفائدتين (كالأجنبية) أَي كَمَا يَلْغُو ذكر الطَّلَاق مُنجزا فِي الْأَجْنَبِيَّة لتساويهما فِي عدم الْوُصُول إِلَى الْمحل، وَإِن كَانَ الْمحل مَوْجُودا فِي الأول دون الثَّانِي (وَأجِيب) عَن الْإِيرَاد الْمَذْكُور بِأَنَّهُ (لَو لم يرج) وُصُول السَّبَب الْمُعَلق إِلَى الْمحل بِأَن علق مَا لَا يُرْجَى الْوُقُوف عَلَيْهِ (لَغَا) جَوَاب لَو (كطالق إِن شَاءَ الله) فَإِن مَشِيئَته تَعَالَى فِيمَا لَا يعلم وُقُوعه بِدَلِيل لَا يُرْجَى الْعلم بهَا بوصول السَّبَب الْمُعَلق إِلَى الْمحل، فَيلْغُو (وَغَيره) أَي غير مَا لم يرج وُصُوله إِلَى الْمحل من الْأَسْبَاب الشَّرْعِيَّة الْمُعَلقَة بِالشّرطِ (بعرضية السَّبَبِيَّة) فعلة بِمَعْنى الْمَفْعُول كَالْقبْضَةِ، يُقَال لما يعرض دون الشَّيْء، وللمعرض لِلْأَمْرِ المنهى لَهُ، وَهَذَا هُوَ المُرَاد هَهُنَا، وَالْيَاء للمصدرية وَالْإِضَافَة من إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول بِوَاسِطَة حرف الْجَرّ وَالْمعْنَى كَون الْجَزَاء متهيئا للسَّبَبِيَّة
1 / 124