بِالْعلمِ بِالْأَحْكَامِ العملية عَن أدلتها التفصيلية بالاستدلال، وَإِنَّمَا دعاهم إِلَى إِخْرَاجه كَون الْفِقْه لُغَة إِدْرَاك الْأَشْيَاء الْخفية، وَذَلِكَ فِي النظريات: يُقَال فقهت كلامك، وَلَا يُقَال فقهت السَّمَاء وَالْأَرْض وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُ لَا يلْزم اعْتِبَار وَجه التَّسْمِيَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى كل جُزْء من الْمُسَمّى، على أَن مَا علم بالضررة كَانَ خفِيا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَائِل (وَأما قصره) أَي الْفِقْه (على الْيَقِين وَجعل الظَّن فِي طَرِيقه) أَي الْفِقْه أَو الْيَقِين دفعا لاعتراض القَاضِي أبي بكر على التَّعْرِيف بِأَنَّهُ من بَاب الظنون، فَلَا يجوز أَن يعْتَبر الْعلم جِنْسا فِي تَعْرِيفه تَلْخِيص الْجَواب الْتِزَام كَون الْأَحْكَام الْفِقْهِيَّة كلهَا يقينية، وَإِن كَانَ أَكثر أدلتها أَمَارَات ظنية، لانعقاد الْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل بِالظَّنِّ على الْمُجْتَهد إِذا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده، فَكل حكم كَذَا يجب الْعَمَل بِهِ قطعا تعلق بِهِ الْخطاب قطعا وَلَا نعني بالقطعي إِلَّا هَذَا فَثَبت أَنَّهَا قَطْعِيَّة، وَالظَّن فِي طريقها (فمغير لمفهومه) جَوَاب أما، بِمَعْنى قصره على الْيَقِين بالتأويل الْمَذْكُور يسْتَلْزم أَن يُرَاد بِهِ غير مُسَمَّاهُ، لِأَن مُسَمَّاهُ تصديقات، أَو مسَائِل موضوعاتها أَفعَال الْمُكَلّفين، ومحمولاتها الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة كالوجوب وَالْحُرْمَة، وَهِي قد تكون ظنية نَحْو الْوتر وَاجِب، وَمَا ذكر لَا يُخرجهَا من الظَّن إِلَى الْقطع بل يُفِيد الْقطع بِوُجُوب الْعَمَل بهَا قطعا، وَهُوَ لَا يسْتَلْزم كَونهَا مُتَعَلق حكم الله قطعا لظُهُور عدم الْقطع بِكَوْن الْوتر مثلا مَطْلُوبا غير جَائِز التّرْك، وَلِهَذَا وَقع الِاخْتِلَاف فِي وُجُوبه: نعم هَهُنَا تصديقات أخر موضوعاتها الْأَحْكَام الْمَذْكُورَة ومحمولها مَفْهُوم وَاحِد أَعنِي وجوب الْعَمَل بهَا قطعا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (ويقصره على حكم) أَي يقصر الْقصر الْمَذْكُور الْفِقْه على حكم وَاحِد بِاعْتِبَار الْمَحْمُول لَا الْمَوْضُوع لما عرفت فَإِن قلت الْقطع بِوُجُوب الْعَمَل رَفعهَا عَن حضيض الظَّن لي ذرْوَة الْيَقِين فالوتر مثلا بَعْدَمَا كَانَ ظَنِّي الثُّبُوت نظرا إِلَى أمارته صَار قَطْعِيّ الثُّبُوت بِاعْتِبَار تعلق الطّلب بِالْعَمَلِ بِهِ قطعا قلت لله ﷾ حكم خَاص فِي كل عمل، وَحكم عَام وَهُوَ وجوب الْعَمَل بِمَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد وَالْعلم بِالْأولِ تَارَة يكون قَطْعِيا، وَتارَة يكون ظنيا بِخِلَاف الثَّانِي، فَإِنَّهُ قَطْعِيّ دَائِما، والمجتهد مَأْمُور بمظنونه وَإِن كَانَ خلاف حكم الله بِالْمَعْنَى الأول نعم عِنْد المصوبة الْكل حكم الله، وَالتَّحْقِيق خِلَافه، وَالْمُعْتَبر فِي مَفْهُوم الْفِقْه الْقطع، وَالظَّن بِاعْتِبَار الأول لَا الثَّانِي، وَالْمُصَنّف ﵀ يُشِير إِلَى مَا قلت بقوله (وَمَا قيل فِي إِثْبَات قَطْعِيَّة مظنونات الْمُجْتَهد مظنونه) بدل من ضمير الْمَوْصُول (مَقْطُوع بِوُجُوب الْعَمَل بِهِ) بِالْإِجْمَاع وَالْأَخْبَار المتواترة معنى (وكل مَا قطع إِلَى آخِره) أَي وجوب الْعلم بِهِ مَقْطُوع بِهِ (فَهُوَ) أَي مظنونه (مَقْطُوع بِهِ، مَمْنُوع الْكُبْرَى) يَعْنِي كل مَا قطع إِلَى آخِره لجَوَاز وجوب الْعَمَل بِهِ من غير أَن يكون مُتَعَلق الْخطاب الْخَاص على مَا عرفت (وَالْمرَاد بالملكة) الْمَذْكُورَة فِي التَّعْرِيف (أدنى مَا تتَحَقَّق بِهِ الْأَهْلِيَّة) للاستنباط، وَفِي إِضَافَة الملكة إِلَيْهِ إِشْعَار بالمراد، لِأَن مَعْنَاهَا ملكة يقتدر
1 / 12