عن هند بنت الجون قالت: (نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيمة خالتها أم معبد ومعه أصحاب له، وكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس، فقال في الخيمة هو وأصحابه حتى أبردوا، وكان يوما قايضا شديدا حره، فلما قام من رقدته دعا بماء فغسل يديه فأنقاهما، ثم مضمض فاه ومجه إلى عوسجة كانت إلى جانب خيمة خالتها -أي خالة هند وهي أم معبد وليست خالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في بعض نسخ الأمالي فهو وهم، وقد ذكره الحاكم في جلاء الأبصار- فلما كان من الغد أصبحنا وقد غلظت العوسجة حتى صارت أعظم دوحة عادية رأيتها، وشذب الله شوكتها، وساخت عروقها، واخضر ساقها وورقها، ثم أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمر أعظم ما يكون من الكمال في لون الورس المسحوق، ورائحة العنبر وطعم الشهد، والله ما أكل منها جائع إلا شبع، ولا ظمآن إلا روي، ولا سقيم إلا برئ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا در لبنها ورأينا النمى والبركة في أموالنا منذ نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخصبت بلادنا وأمرعت، فكنا نسمي تلك الشجرة المباركة، وكان من ينتابنا من حولنا من البوادي يستشفون بها ويتزودون من ورقها، ويحملونها معهم في الأرض القفار فتقوم لهم مقام الطعام والشراب.
مخ ۵۴