﵀ في العرض، وتاليه بذكر المذاهب الأخرى، مصوِّبًا ومرجحًا ما يراه، فيجد مطالع الكتاب ترجيحات كثيرة لمذاهب أخرى على مذهب إمامه الشافعي؛ فيرجح القول المخالف للشافعي في كون الإحرام بالحج في أشهره لا يصح، ويرجح قول الإمام مالك في كون الرزق والكسوة للمرضعة لأجل الزوجية لا لأجل الرضاعة، ويرجح قول مالك وأبي حنيفة في كون الرشد يكون بإصلاح المال فقط، ويرد ويتعجب من الشافعية في استحبابهم التكميل بالعمامة في مسألة المسح عليها، ويبطل تفريع الشافعية في مسألة أخرى، وغير ذلك.
بل لم تقتصر ترجيحاته ومناقشاته في ذلك فحسب، بل كان له مع الأئمة الآخرين نصيب من المناقشة والاستدلال، فتراه يرد على النحَّاس في مسألة النسخ وإبطاله له، ويرد بنقد لاذع على ابن خُويز مِنْداد المالكي، وعلى أبي الفتوح بن أبي عقامة، ومكي بن أبي طالب، وابن العربي، وابن رشد، والنووي، وغيرهم.
وكل هذا يأتي بأسلوب علمي ومنهجي رفيع، يزينه تواضع بلغة عالية، وانظر قوله في مسألة الكلالة: "هذا ما انتهى إليه فهمي وبحثي في الكلالة، والله أعلم، فإن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأ فمني، وأستغفر الله الغفور الرحيم".
* كما ظهر في هذا التأليف النفيس عناية المؤلف بسوق الروايات الحديثية مشفوعة في الغالب بـ (روينا) التي تدل على اشتغاله بالرواية وعلم الحديث.
* وظهر أيضًا كثرة الاستشهادات الشعرية التي يحشدها المؤلف للدلالة على المعنى المراد لديه.
مقدمة / 26