قال ابن جني: فإن كان المضمر مجرورًا لم تعطف عليه إلا بإعادة الجار تقول: مررت بك وبزيد، ونزلت عليك وعلى عمرو، ولو قلت: مررت بك وزيد كان لحنًا على أنهم قد أنشدوا:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب
ــ
= توكيد لكان في الظاهر كعطف الاسم على الفعل.
وذهب الكوفيون إلى جواز ترك التوكيد، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آبناؤنا﴾ وبقول عمر بن أبي ربيعة:
١٩٦ - قلت إذا أقبلت وزهر تهادى ... كنعاج الفلا تعسفن رملًا
والجواب عن الآية أن الفصل بلا قام مقام التوكيد، وعن البيت أنه ضرورة.
قال ابن الخباز: وإن كان المعطوف عليه مجرورًا وجبت إعادة الجار كقولك: مررت بك وبزيد. وسرت إليك وإلى عمرو، وكذلك المعطوف على المجرور بالإضافة كقولك: بينك وبين زيد درهم. قال أبو علي: لأن المضمر المجرور أشبه التنوين حيث كان على حرف واحد، ولم يجز الفصل بينه وبين ما هو معه، فلذلك أعيد الجار. وذهب الكوفيون إلى جواز ترك الإعادة، واحتجوا بقوله: ﴿وصد عن سبيل الله وكفروا به والمسجد الحرام﴾ وبقوله تعالى: ﴿تساءلون به والأرحام﴾.
ويقول الشاعر:
١٩٧ - فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب