تأویل ظاهریات
تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
ژانرونه
طبقا لمقتضيات الوعي بالحضارات الأخرى بنفسها والرغبة في دراسة الوعي الأوروبي بوعي محايد، نشأ موضوع «بناء الوعي الأوروبي وتطوره»، وبحث عن تسجيل له في الأكاديمية (الجامعة). ونشأت مشكلة: كيف يمكن دراسة مشروع حياة في عمل جامعي محدد؟ كيف يمكن دراسة حضارة خمسة قرون بالإضافة إلى مصادرها والتنبؤات بمستقبلها ؟ وتم الاقتناع باختيار نقطة محددة، وكانت المقارنة بين لحظتين في الوعي الأوروبي، فلسفة التنوير وفلسفة الوجود، اختيارا محتملا.
28
والواقع أن الوعي الأوروبي بناء على ملاحظة أولية قد انبثق في لحظة النهضة، ثم فلسفة التنوير التي اتسعت وأصبحت فلسفة العقل، ثم انتهت إلى فلسفة الوجود. ونقدت فلسفة الوجود فلسفة التنوير والوعي الأوروبي، يصحح مواقفه بأن يستبدل بالعقل الوجود. كان يمكن إذن مقارنة هاتين اللحظتين في الوعي الأوروبي.
29
وبعد ملاحظة هاتين اللحظتين في الوعي الأوروبي تمت ملاحظة شيء آخر. فإذا كانت الملاحظة الأولى تتعلق بتطور الوعي الأوروبي، فإن الملاحظة الثانية تتعلق ببنيته. وظهر كل موضوع داخل الوعي الأوروبي في أشكال عديدة. كانت لغة التعبير ومستوى الفهم هما اللذان يحددان الشكل الذي يظهر الموضوع من خلاله. مثلا تعبر الألفاظ الثلاثة: الفضل الإلهي، الحرية الإنسانية، اللاتحدد في قوانين الطبيعة؛ عن نفس الشيء على ثلاثة مستويات مختلفة. الفضل الإلهي مفهوم ديني، ويظهر أحيانا في الحرية الإنسانية، وهو مفهوم فلسفي، وأحيانا ثالثة في اللاتحدد في قوانين الطبيعة في ميدان العلم.
30
فكل مفهوم فلسفي أو علمي له مصادره في المفاهيم الدينية؛ فالدين مصدر الفلسفة والعلم؛ ومن ثم كان من اللازم اختيار مشكلة دينية للمقارنة بين هاتين اللحظتين في الوعي الأوروبي. وبحثا عن أقصى درجة ممكنة من الدقة، كان من اللازم اختيار مثلين، عقلاني لفلسفة التنوير، ووجودي لفلسفة الوجود. وكان هذا هو السبب في تسميته الخطة الأولى «الدين العقلي والدين الوجودي عند كانط وكيركجارد».
وبعد الوعي بظاهرة «الوعي الأوروبي» في مجموعها ظهرت لحظة ثالثة؛ فقد أتت فلسفة الوجود بعد فلسفة التنوير، وكانت فلسفة التنوير قد أتت بعد فلسفة الطبيعة.
31
كان لزاما إذن مقارنة ليس فقط لحظتين في الوعي الأوروبي، والتي تمت ملاحظتهما، بل أيضا ثلاث مراحل لتطوره، والتي تمت ملاحظتها بعد ذلك. وعلاوة على ذلك ساعد تحليل فلسفة الطبيعة على اكتشاف مصادر الوعي الأوروبي: (أ)
ناپیژندل شوی مخ