أبي سُفْيَان ﵄ لأسباب ومسوغات لَا مجَال لذكرها هُنَا، واشتدت الْفِتْنَة بَين الْفَرِيقَيْنِ وانتهت إِلَى التَّحْكِيم، ونتج عَن ذَلِك انقسام الْمُسلمين إِلَى طوائف ثَلَاثَة: الْخَوَارِج، والشيعة، وَأهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وهم جُمْهُور الْأمة.
١- أما الْخَوَارِج فهم جمَاعَة من الْمُسلمين نقموا من عُثْمَان سياسته فِي خِلَافَته، ونقموا من عَليّ قبُول التَّحْكِيم، ونقموا من مُعَاوِيَة توليه الْخلَافَة بِالْقُوَّةِ والسياسة، فَخَرجُوا على جَمِيع الْأَطْرَاف، وَكَانَ مبدؤهم أَن خَليفَة الْمُسلمين يَنْبَغِي أَن ينتخب انتخابًا من الْمُسلمين مِمَّن توفرت فِيهِ الْكَفَاءَة لَهَا، سَوَاء أَكَانَ قرشيًّا أم غير قرشي حَتَّى وَلَو كَانَ عبدا حبشيًّا، وَأَنه لَا تجب طَاعَته إِلَّا إِذا كَانَ مُلْتَزما الْقُرْآن وَالسّنة، فَإِن تجاوزهما وَجب الْخُرُوج عَلَيْهِ وسلكوا فِي تأييد مبدئهم ومجاهدة خصومهم وَسَائِل العنف والشدة فِي حروبهم.
٢- وَأما الشِّيعَة فهم جمَاعَة من الْمُسلمين رَأَوْا تَفْضِيل عَليّ بن أبي طَالب وَذريته وأحقيتهم بالخلافة وأفرطوا فِي ذَلِك؛ لأَنهم يرَوْنَ أَنه الَّذِي أوصى لَهُ الرَّسُولِ ﷺ بالخلافة من بعده، ثمَّ انقسموا فِيمَا بَينهم بشأن توارث هَذِه الْخلَافَة إِلَى كيسانية وزيدية وإسماعيلية وجعفرية، وكل فرقة تجْعَل الْخلَافَة فِي فرع خَاص من ذُرِّيَّة عليّ.
٣- وَأما جمهرة الْمُسلمين فَلم يذهبوا مَذْهَب الْخَوَارِج وَلَا الشِّيعَة وَلم يرَوا أَن الْخلَافَة وَصِيَّة لأحد، وَرَأَوا أَن الْخَلِيفَة ينتخب من أكفاء قُرَيْش إِن وجد، ويؤولون مَا كَانَ بَينهم من خصومات بِأَنَّهَا كَانَت اجتهادية.
هَذَا الانقسام السياسي كَانَ لَهُ أثر فِي أَن الْخَوَارِج رفضوا الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا عُثْمَان أَو عَليّ أَو مُعَاوِيَة أَو رَوَاهَا صَحَابِيّ مِمَّن ناصروا وَاحِدًا مِنْهُم، وردوا كل أَحَادِيثهم وآرائهم وفتاويهم، واقتصروا على مَا رُوِيَ عَمَّن يرضونهم وَرِوَايَات عُلَمَائهمْ وفتاويهم.
وَكَذَلِكَ الشِّيعَة اشترطوا فِي قبُول الحَدِيث أَن يكون من رِوَايَة آل
1 / 13