ومن ذلك حكى الله تعالى فى كتابه قول المؤمنين الذين أثنى عليهم من عباده:
@QUR019 «ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به» والإصر فى اللغة الثقل ويقال للعهد أيضا فى اللغة إصر لأن ما فيه ثقيل على من يؤخذ عليه لا يحتمل إلا بالمشقة فانفرد الله بوحدته وإبانته من جميع خلقه من العلم بما لا يحتمله ولا يقوم به أحد من خلقه فلا يعلم ذلك العلم إلا هو وحده جل وعز وخلق الملائكة فرفع بعضهم فوق بعض وفضلهم فى القوى والاحتمال كما وصف بعضهم بقوله:@QUR05 «علمه شديد القوى ذو مرة» فالمرة فى اللغة القوة.
ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى يعنى لذى قوة يستطيع العمل والكسب بها فعلم الله تعالى كل ملك منهم وأعطاه من العلم بقدر ما أعطاه من القوة على احتماله وكذلك خلق أنبياءه وأولياءه ضروبا وحمل كل امرئ منهم من العلم قدر احتماله، وقوته التى أعطاه إياها وأمرهم بذلك فيمن فرض إليهم أمرهم من العباد بأن يحملوا أهل كل طبقة منهم مما آتاهم من العلم قدر احتمالهم وعلى قدر مراتبهم وقواهم فلذلك ما نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على وصيه الذي أقامه للأمة من بعده لأنه أقواها وأنه أفضلها وأنه أقضاها وذكر ما عليه من العلم وما أودعه من الحكمة وذلك بقدر حده واحتماله وقوته فمن أورد من العلم على امرئ ما لا يحتمله ولا تحمله قواه حيره وأسكره فكان ذلك العلم فى الباطن مثله لمن لا يحتمله مثل الشراب المسكر لا يحل له سماعه ولا يحل لمن أسمع ذلك إسماعه إياه.
ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من سقى خمرا بهيمة أو طفلا باء بإثم ذلك، فالبهيمة فى الباطن من لم يستجب لدعوة الحق كما وصفهم الله تعالى بذلك فقال:@QUR08 «إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا» [1] ومثل الطفل فى الباطن مثل المستجيب الذي لم يبلغ حد الإطلاق فمن فاتح غير مستجيب أو من استجاب ولم يبلغ حد ما فاتحه به من البيان فقد باء بإثم ذلك ويكون ذلك العلم عند أهله ومحتمله مثله مثل الماء والحلال من الأشربة إذا كانوا يحتملونه ولا يغير شيئا من أمورهم ومن ذلك قوله تعالى:@QUR09 «يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين
مخ ۱۳۴