خطبة أخرى يدعو فيها ثم أقام المؤذنون بالصلاة فنزل فصلى الجمعة ركعتين يجهر فيهما بالقراءة.
وعن على صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا صعد المنبر سلم على الناس، فهذا هو الواجب فى ظاهر صلاة الجمعة وتأويله أن ارتقاءه على المنبر مثله مثل استشراف الداعى وعلوه على من يدعوه وأن درجته ومكانه فوق درجاتهم ومثل جلوسه على المنبر إذا ارتقاه مثل انتصاب الداعى إذا بين وأظهر نفسه للناس، ومثل أذان المؤذنين بين يدى الخطيب مثل دعاء المأذونين للداعى الناس ليأتوه فإذا أذنوا أقبل الناس بوجوههم على الخطيب وأصغوا إليه ذلك مثل استجابة المستجيبين وإقبالهم على من يدعوهم، ومثل قيام الخطيب وخطبته الأولى بالموعظة مثل افتتاح الدعوة بإقامة ظاهر الشريعة وأمره بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والحج وغير ذلك من شرائع الإسلام فيما يأخذه على المستجيبين وترغيبه إياهم فى ذلك وتحذيره لهم من تركه وموعظتهم إياهم فى ذلك وهذه الخطبة مثل لإقامة الدعوة الظاهرة التى يقوم بها الناطق وجلوس الخطيب بعدها جلسة خفيفة مثلها مثل ما يكون من قيام الناطق بدعوة الحق الظاهرة وما يقوم به من غيرها إلى أن يتهيأ له وجود من يقيمه حجة له للدعوة الباطنة المستورة، وأنه لا ينبغى له أن يطيل ذلك إذا وجد من يقيمه وأراه الله دلائل وجوب ذلك ومخايله فيه، ومثل الخطبة الثانية التى فيها الدعاء مثل الدعوة المستورة فيها الدعاء إلى أولياء الله، ويقوم بها الحجة بإقامة الإمام إياه لذلك إذا أقامه، ويقيمها الإمام كما ذكرنا من قبل ذلك إذا لم يتهيأ له وجود الحجة كما يكون فى الخطبة الأولى مع الموعظة الدعاء والصلاة على النبي وعلى آله حسب ما يكون فى الثانية، وكذلك صلاة الجمعة ركعتين يجهر فيهما بالقراءة مثل لقيام الإمام وقيام الحجة والجهر بالقراءة فيهما مثل لبيان ما بيناه من العلم والحكمة فى الظاهر والباطن ومثل سلام الخطيب إذا صعد المنبر على الناس مثل اختصاص الداعى المستجيبين له بما يختصهم به من الفضل ويبتدئهم به من الخير.
ويتلو ذلك ما جاء عن جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم من أنه ينبغى للإمام يوم الجمعة أن يتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويعتم، فهذا هو الواجب فى ظاهر صلاة الجمعة، وتأويله فى الباطن ما قد ذكرناه أن الطيب مثله مثل العلم واللباس مثله مثل الظاهر، فينبغى لمن قام بدعوة الحق أن يكون عالما بما يحتاج إليه من يدعوه
مخ ۳۱۳