فلا يقيم دعوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا الأئمة العدل الذين هم أوصياؤه والأئمة من ذريته ومن تعاطى أن يقوم مقامهم من غيرهم فيدعو إلى هذه الدعوة وليس من أهل ذلك لم يجز أن يتبع ولا أن يستجاب له إلا فى حال التقية، كما جاء ذلك عن على بن الحسين صلى الله عليه وسلم فى ظاهر صلاة الجمعة، وكذلك لا تجزى صلاة الجمعة مع المتغلبين ولا مع من أقاموه لإقامتها إلا فى حال التقية منهم ولا يعتد بها ويصلى من صلاها معهم تقية ويصلى الظهر بعد ذلك، فهكذا يجرى الأمر كذلك فى الظاهر والباطن.
ويتلو ذلك ما جاء عن على صلى الله عليه وسلم أنه قال: الناس فى إتيان الجمعة ثلاثة، رجل حضر الجمعة باللغو والمراء فذلك حظه منها، ورجل جاء والإمام يخطب فصلى فإن شاء الله أعطاه وإن شاء حرمه، ورجل حضر قبل خروج الإمام فصلى ما قضى له ثم جلس بإنصات وسكوت حتى يخرج الإمام إلى أن قضيت فهى له كفارة ما بينها وبين الجمعة التى تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك لأن الله يقول:
@QUR06 «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» [1].
وقال عليه الصلاة والسلام: لأن أجلس عن الجمعة أحب إلى من أن أقعد حتى إذا قام الإمام جئت أتخطى رقاب الناس، فهذا فى الظاهر هو الذي يؤمر به ويجب أن يأتى إلى الجمعة إذا نودى إليها كما قال تعالى:@QUR014 «يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله» ومن جاء قبل النداء أو جلس فى المسجد ينتظر الصلاة فله ثواب ذلك كما ذكرنا فيما تقدم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الجالس فى المسجد ينتظر الصلاة فى صلاة ما لم يحدث، وكذلك ينبغى فى الباطن أن يكون المؤمن منتظرا لقيام دعوة الحق قبل قيام الداعى إليها كما قال الصادق صلى الله عليه وسلم لبعض أوليائه: انتظروا أمرنا وقيام الداعى إلينا فإن انتظار الفرج عبادة، وإذا قام الداعى يدعو إلى دعوة الحق كان الواجب السعى إليها والمبادرة والمسارعة وترك التخلف عنها فقد قال تعالى:@QUR04 والسابقون السابقون أولئك المقربون [2] ولا ينبغى التخلف عنها إلى أن يصل الناس إليها فيأتى المتخلف يريد أن يتخطى من سبقه ويتجاوز مرتبته، وقد ذكرنا الواجب فى ذلك عند ذكر الصفوف فى الصلاة فهذا تأويل ما جاء من ذكر المبادرة إلى صلاة الجمعة وأما ذكر
مخ ۳۱۱