256

وحمد الله وشكره عليه، والوقوف على ذلك بالقدمين مثل الإعراض عنه والتهاون به ولذلك يقول القائل اجعل أمر كذا وكذا تحت قدميك إذا أمره بالإعراض عنه ورفضه وتركه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى صلى الله عليه وسلم وقد بعثه إلى ناحية من نواحى العرب ليصلح أمرهم: اجعل أمر الجاهلية من دم أو ثأر تحت قدميك وكما قال يوم فتح مكة وقد خطب الناس ألا إن كل شيء كان فى الجاهلية من دم أو ثأر فهو تحت قدمى هذه، وقد ذكرنا مثل ما يسجد عليه المصلى ويقف فى صلاته عليه وأن ذلك إنما يكون على الأرض التى مثلها مثل الحجة أو على ما جعل عليها من نباتها غير الطعام وأن ذلك مثل طاعة الإمام عن أمر من أقامه ونصبه للأمر بطاعته ممن جعل حجته سترا لذلك دونه. ويتلو ذلك:

ذكر صلاة الجمعة: قد تقدم البيان بجملة القول فى تأويل صلاة الجمعة، وأنها مثل دعوة محمد صلى الله عليه وسلم وأن دعوة كل إمام من بعده من أئمته مضافة إلى دعوته لأنهم إلى شريعته يدعون، وبأمره يقومون وإحياء شريعته وسنته وما جاء به بذلك يطلبون فدعوته صلى الله عليه وسلم ودعوتهم كلهم صلى الله عليهم وسلم دعوة واحدة فهذه جملة من القول فى تأويل صلاة الجمعة.

ويتلو ذلك مما جاء فى هذا الباب من كتاب دعائم الإسلام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربعة يستأنفون العمل: المريض إذا برئ والمشرك إذا أسلم والمنصرف من الجمعة إيمانا واحتسابا والحاج، تأويل ذلك أن قوله يستأنفون العمل يعنى أنه قد غفر لهم ما تقدم من ذنوبهم لأن ذلك محصنها، فأما ما عملوه قبل ذلك من خير فهو موفر لهم مع ما اكتسبوه فى ذلك الوقت ويكتسبونه فيما بعده، فإنما أراد بما يستأنفون ما يستأنفونه مما قد غفر لهم ما تقدم منه من الخطايا أن يستأنفوا ذلك لأن الله يقول:@QUR06 «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره» [1] وقال:@QUR05 «وما كان الله ليضيع إيمانكم» [2] وقال:@QUR06 «ثم توفى كل نفس ما كسبت» [3] فى آي كثيرة من مثل ذلك والذي جاء فى هذا الخبر من ثواب المرض وشهود الجمعة وإسلام المشرك والحج فذلك فى الظاهر واجب وفضله ثابت وهو من صالح الأعمال وكذلك باطنه، وتأويل الانصراف من الجمعة فى الباطن الانصراف من دعوة الحق بعد الدخول فيها واعتقاد ذلك والعمل به إلى دعوة الحق المستورة وتأويل البرء من المرض التوبة من الشرك والمعاصى واعتقاد كل منهى عن اعتقاده

مخ ۳۰۲