الذي هو يصلى فيه أو على كمه أو على كور عمامته فذلك ظاهر الصلاة لا ينبغى كما تقدم القول به من الأمر بإخراج المصلى كفيه من كميه ومباشرته بباطنهما وبجبهته ما يسجد عليه وأن ذلك من حدود الصلاة وباطن الكفين من المساجد فتأويل ذلك هو ألا يجعل المطيع لإمامه طاعة أحد يستعمل طاعته من دونه من قبل نفسه كما يكون الكم الذي يسجد عليه المصلى والثوب الذي يصلى فيه والعمامة التى يسجد على كورها من ذاته ومما يستعمله فى صلاته يقوم به ويقصد ويركع به ويسجد ويتشهد وليس ذلك بمنزلة ما هو بائن عنه مما يسجد عليه من البسط والثياب وغير ذلك وإنما يجب طاعته من أمر الإمام بطاعته لا من يقيمه المطيع من ذاته وكور العمامة ما دار منها على الرأس يقال منه كور الرجل عمامته إذا لاثها على رأسه أى أدارها عليه فإذا أدار ذلك على جبهته حتى يكون إذا سجد لم يصب منها ما يسجد عليه شيء وغطت ذلك العمامة لم يجز ذلك فى ظاهر الصلاة وكذلك لا يجوز فى باطنها وتأويله على ما ذكرناه وكان مثل الساجد على كمه أو بعض ثوبه الذي يصلى فيه وعلى كور عمامته كمثل من اتخذ وليا من دون الله ودون أوليائه أوجب طاعته على نفسه وذلك مثل السجود على ذلك.
ويتلو ذلك ما جاء عن سؤال السائل جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على كدس الحنطة، فنهى عن ذلك فقيل له فإذا افترش فكان كالسطح فقال عليه الصلاة والسلام لا يصلى على شيء من الطعام إنما هو رزق الله لخلقه ونعمته عليهم فعظموه ولا تطئوه ولا تستهينوا به فإن قوما ممن كان قبلكم وسع الله عليهم فى أرزاقهم فاتخذوا من الخبز النقى أمثال الأفهار فجعلوا يستنجون بها فابتلاهم الله بالسنين والجوع فجعلوا يتتبعون ما كانوا يستنجون به من ذلك الخبز فيأكلونه ففيهم نزلت هذه الآية:@QUR024 «وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون» [1] فالطعام كما جاء فى هذا الباب وقد تقدم القول بذلك مما لا يجب الوقوف عليه ولا الصلاة ولا السجود عليه ومثل الطعام فى التأويل مثل العلم والحكمة لأن الطعام فى الظاهر به حياة الأجسام الظاهرة وبه تتغذى وتنمو وكذلك بالعلم والحكمة تحيا النفوس وتنمو فليس ينبغى أن يستهان بظاهر ذلك وبباطنه لأن ظاهره وباطنه نعمة من نعم الله وفضل من فضله يجب على المؤمنين تعظيم ذلك وإجلاله
مخ ۳۰۱