من عباده فيما أمر أن يطاع فيه هو سبحانه فهى طاعته لا شريك له، ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وقوله ربى العظيم يعنى البارى لأنه كما ذكرنا يجوز على مجاز اللغة أن يقال لمالك الشيء ولمربيه والمنعم عليه ربه فبين أنه إنما أراد بالتنزيه والتعظيم هاهنا الرب العظيم وهو الله رب العالمين وقول ذلك ثلاث مرات يراد به تعظيمه وتنزيهه عن أن يكون له فى ذلك شريك من النطقاء ولا من الأئمة ولا من الحجج الذين هم أجل الخلق فضلا عمن دونهم ومن أمثالهم من جميع الخلق.
ويتلو ذلك أنه جاء فى القول فى الركوع وفى السجود وجوه من القول مع ما تقدم يطول ذكرها، وإن من ذلك ما روى عن الصادق صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد الثلاث التسبيحات المذكورات فى الركوع: اللهم لك ركعت ولك خشعت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربى خشع لك سمعى وبصرى وشعرى وبشرى ولحمى ودمى ومخى وعصبى وعظامى وما أقلت قدماى غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر عن عبادتك والخضوع لك والتذلل لطاعتك، فهذا يثبت ما تقدم القول به من الإخلاص لله بالخشوع والخنوع والخضوع والطاعة وأن ما يكون من ذلك لمن أوجب طاعته وفضله والخضوع له فإنما ذلك له سبحانه وكل من أوجب ذلك له من عباده فهم أشد الخلق خضوعا وخنوعا[1] وخشوعا وطاعة له لمعرفتهم به عز وجل وقد افترض عليهم من الفرائض والعبادات ما افترضه على سائر الخلق، فهم أقوم الخلق بذلك فلو كان شيء من ذلك يراد به أحد منهم كما زعم المحرفون للتأويل المفترون على الله وعلى أوليائه الكذب لسقط عنه فرضه بل تلك الفرائض عليهم آكد وهم بها أقوم وبما يجب لله فيها أعلم. وتأويل قوله سجد لك سمعى وبصرى وغير ذلك مما ذكره إخبار وإقرار بأن جميع الحدود والذين هم بين الله وبين عباده من ملائكته ورسله وأئمة دينه وحدودهم وغيرهم من سائر ما خلق ظاهرا وباطنا له خاضعون مذعنون بالعبادة والطاعة، ومن ذلك قوله تعالى:@QUR025 «ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب» [2]، ولهذه الأشياء أمثال فى التأويل قد تقدم ذكرها؛ فافهموا أيها المؤمنون وحدة الله بارئكم جل وعز وتنزيهه عن أن يقاس إلى شيء من مخلوقاته
مخ ۲۷۸