المجلس السابع من الجزء الرابع: [فى ذكر الإمامة]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الخالق البائن عن صفات المخلوقين، الإله المتعالى عن تحديد عباده المحدودين، وصلى الله على أفضل البرية أجمعين، محمد نبيه والأئمة من ذريته الصفوة المهديين، وإن الذي يتلو ما قد مضى من جملة القول فى ذكر الإمامة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إمام القوم وافدهم إلى الله فقدموا فى صلاتكم أفضلكم».
وعن على صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقدموا سفهاءكم فى صلاتكم ولا على جنائزكم فإنهم وفدكم إلى ربكم، فهذا من الواجب فى ظاهر الصلاة ألا يؤم الناس فيها إلا أفاضلهم وكذلك هو فى باطن الأمر أنه لا يكون الإمام إلا أفضل أهل زمانه الذي جعل كما ذكرنا الإمام فى الصلاة فى الظاهر مثلا له وكذلك لا ينبغى أن يقام لدعوة الحق إلا أفضل من يوجد ممن يصلح لذلك.
وقوله إنهم وفدكم إلى ربكم، تأويله أن الوفد فى اللغة جمع وافد، وهو الذي يأتى الملك عن القوم، فكذلك الأئمة هم الذين يفدون إلى الله بأهل أزمانهم وهم الشهداء عليهم كما قال جل من قائل:@QUR07 «فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد» [1] وقال@QUR03 «وجيء بالنبيين والشهداء» ، وقال:@QUR06 «أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم» وكذلك الدعاة هم وفود أهل زمانهم إلى أئمتهم عندهم عليهم بأعمالهم التى طلعوا فيها عليهم.
ويتلو ذلك قول على صلى الله عليه وسلم: لا يؤم المريض الأصحاء إنما كان ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يعنى أنه مرض صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فى مرضه، وتأويل ذلك فى الباطن أن المرض فى الباطن الفساد فى الدين قال الله تعالى:@QUR06 «في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا» [2] فمن فسد دينه لم يجز له أن يؤم من كان صحيح الدين وكذلك لا يؤم فى الظاهر المريض الأصحاء لأن المريض لا يستطيع أن يصلى قائما ولا يقيم ما يجب إقامته من حدود الصلاة على
مخ ۲۳۹