178

ويتلو ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ليؤذن لكم أفصحكم وليؤمكم أفقهكم، ظاهره معروف واجب وباطنه أن المؤذن كما ذكرنا مثله مثل المأذون الذي يدعو الناس إلى دعوة الحق ويكسر للداعى على المخالفين ويدلهم عليه فليس ينبغى أن يكون من هو فى مثل هذه الحال إلا فصيحا بلغة من يدعوهم ليعلم الكسر عليهم والحجة من لسانهم حسن البيان فيما به يخاطبهم وقوله يؤمكم أفقهكم فالإمام هاهنا مثله مثل الداعى لا ينبغى إلا أن يكون فقيها عالما بحلال الله وحرامه ومعالم دينه وأحكامه ظاهرا أو باطنا ليقيم لمن يدعوه ظاهر دينه وباطنه.

ويتلو ذلك قول جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا أذان فى نافلة تأويله ما تقدم القول به أن معنى النافلة فى الباطن معنى دعوة الحجج وقد ذكرنا أن الدعوة إليها مثل الإقامة والأذان مثل الدعاء إلى الدعوة الظاهرة.

ويتلو ذلك قول الصادق صلى الله عليه وسلم إنه قال: لا بأس بأذان الأعمى إذا سدد قال وقد كان ابن أم مكتوم يؤذن للنبى صلى الله عليه وسلم وهو أعمى، تأويل ذلك أن الأعمى[1] فى التأويل مثله مثل الضلالة عن الهدى فمن كان على ذلك ثم بصر للحق وسدد إليه فأبصره واهتدى إليه فلا بأس أن يهدى غيره ويرشد إلى مثل ما هدى هو إليه.

ويتلو ذلك ما جاء عن على صلى الله عليه وسلم أنه رأى مأذنة طويلة فأمر بهدمها وقال لا يؤذن على أكثر من سطح المسجد وإن ذلك إنما هو لئلا يكشف المؤذن عورات الناس ويشرف على منازلهم فيرى ما فيها من حرمهم فذلك منهى عنه فى الظاهر وقد تقدم القول بمثله فى الباطن من النهى عن وضع الأعين فى الحجرات وأن تأويله فى الباطن النهى عن النظر فى المحظور وما لم يؤذن للناظر فى النظر فيه من العلوم.

ويتلو ذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: من ولد له مولود فليؤذن فى أذنه اليمنى وليقم فى اليسرى فإن ذلك عصمة من الشيطان وأنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يفعل ذلك بالحسن والحسين صلى الله عليهما وسلم فظاهر ذلك يستحب ويؤمر به لما فيه من البركة والسلامة ودفاع المكروه وباطنه أن مثل المولود

مخ ۲۲۴