عافاك الله، أفتدعوني إلى عبادة مثل هذه الآلهة؟! أفهذا إنصافك؟! وقد عهدنا من بعض السكارى المنصفين أنهم - في حال سكرهم - يعظون من يشفقون عليه، ويمنعونه عن السكر معهم، ويقولون له: إنا قد ابتلينا بشرب هذا المنحوس، ولا تدعنا العادة الوخيمة أن نتركه، فلا تبتل بسفاهتنا!
أم تقول: إن إبراهيم لم يكن عارفا بأنهم أقانيم الإله الواحد، ولكن اتفاق هذه الواقعة في تعدد الرجال ووحدة الخطاب يشير إلى تثليث الأقانيم؟!
قلنا: وحاصل ما تقول إذن أن وحدة الخطاب مع تعدد الرجال كان غلطا، ولكنه يشير إلى تثليث أقانيم الإله الواحد، فبخ بخ لك في هذه الحجة، وهل يناسب الغلط أن يحتج له بغير الغلط؟!
ولكن المجوسي يحتج عليك بأقوى من حجتك ويقول: إن هذا الغلط، الاتفاقي لا يصلح حجة، ولكن الحجة هو الغلط اللازم في المرض المزمن، وهو كون الأحول يرى الواحد اثنين متماثلين، فيه إشارة إلى أن الإله الذي يعتبره الموحدون واحدا إنما هو اثنان!
ثم يجئ الوثني ويقول للمثلث والمثنى: لا ينبغي أن يحتج لمثل هذه المعرفة بالغلط، بل إن التوراة كثيرا ما خاطبت الألوف المتعددة - من بعيد - شبحا واحدا، وفي هذا كله إشارة إلى أن الإله الذي يعتبره الموحدون واحدا إنما هو ألوف من الأوثان!
عافاك الله، وليس للموحد حينئذ إلا أن يوقفه العجب موقف
مخ ۶۲