د توحید کتاب
كتاب التوحيد
پوهندوی
عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان
خپرندوی
مكتبة الرشد-السعودية
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
١٤١٤هـ - ١٩٩٤م
د خپرونکي ځای
الرياض
٨ - وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، هَذَا الْخَبَرَ مُرْسَلًا غَيْرَ مُسْنَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُقَبَّحُ الْوَجْهُ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ» ⦗٨٧⦘ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ افْتُتِنَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ عَطَاءٍ عَالِمٌ مِمَّنْ لَمْ يَتَحَرَّ الْعِلْمَ، وَتَوَهَّمُوا أَنَّ إِضَافَةَ الصُّورَةِ إِلَى الرَّحْمَنِ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ إِضَافَةِ صِفَاتِ الذَّاتِ، فَغَلَطُوا فِي هَذَا غَلَطًا بَيِّنًا، وَقَالُوا مَقَالَةً شَنِيعَةً مُضَاهِيَةً لِقَوْلِ الْمُشَبِّهَةِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَالَّذِي عِنْدِي فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْخَبَرِ إِنْ صَحَّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ مَوْصُولًا: فَإِنَّ فِي الْخَبَرِ عِلَلًا ثَلَاثًا، إِحْدَاهُنَّ: أَنَّ الثَّوْرِيَّ قَدْ خَالَفَ الْأَعْمَشَ فِي إِسْنَادِهِ، فَأَرْسَلَ الثَّوْرِيُّ وَلَمْ يَقُلْ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ، لَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ: أَيْضًا مُدَلِّسٌ، لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَطَاءٍ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ يَقُولُ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: لَوْ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْكَ بِحَدِيثٍ لَمْ أُبَالِ أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْكَ، يُرِيدُ لَمْ أُبَالِ أَنْ أُدَلِّسَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِثْلُ هَذَا الْخَبَرِ، لَا يَكَادُ يَحْتَجُّ بِهِ عُلَمَاؤُنَا مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْخَبَرُ فِي مِثْلِ هَذَا الْجِنْسِ، فِيمَا يُوجِبُ الْعِلْمَ لَوْ ثَبَتَ، وَلَا فِيمَا يُوجِبُ الْعَمَلَ بِمَا قَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ بِدَلَائِلَ مِنْ نَظَرٍ، وَتَشْبِيهٍ، وَتَمْثِيلٍ بِغَيْرِهِ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ طَرِيقِ الْأَحْكَامِ وَالْفِقْهِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ مُسْنَدًا بِأَنْ يَكُونَ الْأَعْمَشُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ حَبِيبِ بْنِ ⦗٨٨⦘ أَبِي ثَابِتٍ، وَحَبِيبٌ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَصَحَّ أَنَّهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا رَوَاهُ الْأَعْمَشُ فَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ عِنْدَنَا أَنَّ إِضَافَةَ الصُّورَةِ إِلَى الرَّحْمَنِ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ ⦗٩١⦘ لِأَنَّ الْخَلْقَ يُضَافُ إِلَى الرَّحْمَنِ، إِذِ اللَّهُ خَلَقَهُ، وَكَذَلِكَ الصُّورَةُ تُضَافُ إِلَى الرَّحْمَنِ، لِأَنَّ اللَّهَ صَوَّرَهَا، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ ﷿: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [لقمان: ١١]، فَأَضَافَ اللَّهُ الْخَلْقَ إِلَى نَفْسِهِ، إِذِ اللَّهُ تَوَلَّى خَلْقَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةٌ﴾ [الأعراف: ٧٣]، فَأَضَافَ اللَّهُ النَّاقَةَ إِلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ: ﴿تَأْكُلُ فِي أَرْضِ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ٧٣] وَقَالَ: ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٧]؟ قَالَ: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [الأعراف: ١٢٨]
⦗٩٢⦘، فَأَضَافَ اللَّهُ الْأَرْضَ إِلَى نَفْسِهِ، إِذِ اللَّهُ تَوَلَّى خَلْقَهَا فَبَسَطَهَا، وَقَالَ: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠]، فَأَضَافَ اللَّهُ الْفِطْرَةَ إِلَى نَفْسِهِ إِذِ اللَّهُ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَمَا أَضَافَ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِضَافَةُ الذَّاتِ، وَالْآخَرُ: إِضَافَةُ الْخَلْقِ فَتَفَهَّمُوا هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، لَا تَغَالَطُوا فَمَعْنَى الْخَبَرِ إِنْ صَحَّ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ مُسْنَدًا، فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي خَلَقَهَا الرَّحْمَنُ، حِينَ صَوَّرَ آدَمَ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ [الأعراف: ١١] وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ
1 / 86