بَينهمَا فِي قَوْله تَعَالَى (صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة) الْبَقَرَة ١٥٧ الثَّانِي أنسؤال الرَّحْمَة يشرع لكل مُسلم وَالصَّلَاة تخْتَص بِالنَّبِيِّ ﷺ وإله فَهِيَ حق لَهُ وَلَا لَهُ وَلِهَذَا الْمَعْنى منع كثير من الْعلمَاء الصَّلَاة على معِين غَيره يعْنى وَغير سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة وَلم يمْنَع اُحْدُ من الترحم على معِين من الْمُسلمين الثَّالِث أَن رَحْمَة الله عَامَّة وسعت كل شَيْء وَصلَاته خَاصَّة لخواص عباده وَقَوْلهمْ الصَّلَاة من الْعباد بِمَعْنى الدُّعَاء مُشكل ايضا من وَجه أَحدهَا أَن الدُّعَاء يكون بِالْخَيرِ وَالشَّر وَالصَّلَاة لَا تكون إِلَّا فِي الْخَيْر الثَّانِي أَن دَعَوْت يعدي بَالَام وَصليت لَا يتَعَدَّى إِلَّا ب (على (و(دُعَاء (المعدى ب (على لَيْسَ بِمَعْنى صلى وَهَذَا يدل على أَن الصَّلَاة لَيست بِمَعْنى الدُّعَاء الثَّالِث أَن فعل الدُّعَاء يَقْتَضِي مدعوا ومدعوا لَهُ تَقول دَعَوْت الله لَك بِخَير وَفعل الصَّلَاة لَا يَقْتَضِي ذَلِك لَا تَقول صليت الله عَلَيْك وَلَا لَك فَدلَّ على انه لَيْسَ بِمَعْنَاهُ فَأَي تبَاين اظهر من هَذَا قَالَ وَلَكِن التَّقْلِيد يعمي عَن إِدْرَاك الْحَقَائِق فإياك والإخلاد إِلَى ارضه قَالَ فِي (الْبَدَائِع (وَرَأَيْت لأبي الْقَاسِم السُّهيْلي رَحمَه الله تَعَالَى كلَاما حسنا فِي اشتقاق الصَّلَاة فَذكر مَا ملخصه أَن معنى اللَّفْظَة حَيْثُ تصرفت ترجع إِلَى الحنو والعطف إِلَّا أَن ذَلِك يكون محسوسا ومعقولا فالمحسوس مِنْهُ صِفَات الْأَجْسَام والمعقول صفة ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام وَهَذَا الْمَعْنى كثير مَوْجُود فِي الصِّفَات وَالْكثير يكون صفة للمحسوسات وَصفَة للمعقولات وَهُوَ من أَسمَاء الرب تَعَالَى وتقدس عَن مشابهة الْأَجْسَام وصفات الْأَنَام فَمَا يُضَاف إِلَيْهِ تَعَالَى من هَذِه الْمعَانِي معقولة غير محسوسة فَإِذا ثَبت هَذَا فَالصَّلَاة كَمَا قُلْنَا حنو وَعطف من قَوْلك صليت أَي حنيت صلاك وعطفته فأخلق بِأَن تكون الرَّحْمَة كَمَا سمي
1 / 21