بِالْحَمْد لَهُ ابْتِدَاء إضافيا أَي بِالنِّسْبَةِ لما بعْدهَا وَهُوَ مَا يقدم على الشُّرُوع فِي الْمَقْصُود فِي الذَّات جمعا بَين حَدِيثي الْبَسْمَلَة والحمدلة وَلم يعكس لموافقة الْكتاب الْعَزِيز فَإِن ألصحابة افتتحوا كِتَابَته فِي ألإمام الْكَبِير بِالتَّسْمِيَةِ والحمدلة تلوها وتبعهم جَمِيع من كتب الْمُصحف بعدهمْ فِي جَمِيع الْأَمْصَار سَوَاء فِي ذَلِك من يَقُول بِأَن الْبَسْمَلَة آيَة وَمن لَا يَقُول ذَلِك فَكَانَ أولى
قَوْله شهِدت لَهُ بربوبيته جَمِيع مخلوقاته الخ
الْمَخْلُوق هُوَ الْمَصْنُوع وَمعنى شَهَادَة الْمَخْلُوقَات بربوبيته سُبْحَانَهُ أَن الْعقل الصَّرِيح يقطع بِأَن الْمَخْلُوق لَا بُد لَهُ من خَالق والمصنوع لَا بُد لَهُ من صانع والحادث لَا بُد لَهُ من مُحدث لِاسْتِحَالَة حُدُوث الْحَادِث بِنَفسِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى (أم خلقُوا من غير شييء أم هم الْخَالِقُونَ) الطّور ٣٥ يَقُول سُبْحَانَهُ أحدثو من غير مُحدث أم هم أَحْدَثُوا أنفسهم وَمَعْلُوم أَن الْمُحدث لَا يُوجد بِنَفسِهِ فطريق الْعلم بذلك أَن يُقَال الْمَوْجُود وَإِمَّا حا وَإِمَّا قديم والحادث لَا بُد لَهُ من قديم فَيلْزم ثُبُوت الْقَدِيم على كل حَال وَذَلِكَ أَن الْفقر وَالْحَاجة لكل حَادث وممكن وصف لَازم لَهما فَهِيَ مفتقرة إِلَيْهِ دَائِما حَال الْحُدُوث وَحَال الْبَقَاء وَمن زعم من أهل الْكَلَام أَن افتقارهما إِلَيْهِ فِي حَال الْحُدُوث فَقَط كَمَا يَقُوله من يَقُوله من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم أَو فِي حَال الْبَقَاء فَقَط كَمَا يَقُوله من يَقُوله من المتفلسفة الْقَائِلين بمساوات الْعَالم لَهُ وكلا الْقَوْلَيْنِ خطأ كَمَا قَالَ شيخ الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح (شرح عقيدة شمس الدّين الاصبهاني (فالإمكان والحدوث متلازمان فَكل مُحدث مُمكن وكل مُمكن مُحدث والفقر ملازم لَهما فَلَا تزَال مفتقره إِلَيْهِ لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ لَحْظَة عين وَهُوَ الصَّمد الَّذِي يصمد إِلَيْهِ جَمِيع الْمَخْلُوقَات وَلَا يصمد هُوَ إِلَى شييء بل هُوَ سُبْحَانَهُ الْغَنِيّ بِنَفسِهِ
1 / 17