الجمع بأن الضم رخصة عند التطويل في النافلة
ونعني بذلك: أن الإرسال شرع في حال، وشرع الضم في حال آخر، وذلك بأن يكون الأصل في الصلاة الإرسال، وما روي في شرعية الضم من الأحاديث فالمراد به عند التطويل في النوافل، ولما كانت النوافل مما يغلب فيها التطويل رخص فيها للمصلي عند التعب أن يضع يديه على صدره أو على سرته أو تحتها، أما الفرائض فالمشروع فيها عدم التطويل، فلذا لم يشرع فيها شيء من ذلك.
وهذا ما يمكن أن يستوحى من أكثر الروايات عند الفريقين وهو أقرب مما سبقه، لأمور عدة، منها:
أولا: الضم في الصلاة لم يكن مشهورا عند الصدر الأول، ولم يكن غائبا فيه نهائيا، وذلك ما نلاحظه مما يلي:
(1) وقف أبو حميد الساعدي أمام مجموعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذكر أنه أعرفهم بصلاته، ولما طلب منه أن يعرض ما يعرف من صلاة النبي، وصفها فلم يذكر فيها الضم، رغم أنه ذكر جملة من مندوبات الصلاة.
وبعد فراغه لم ينتقده أحد من الحاضرين، أو يقول: نسيت وضع الكف على الكف أثناء القيام.
وهذا من الأحاديث المشهورة، ومن أهم أدلة الفقه، وقد تقدم الكلام عليه.
(2) أن الذين روي عنهم أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضع يده على يده لا يتجاوزون ثلاثة أشخاص، أحدهم: وائل بن حجر الذي اضطربت روايته حتى أن بعض ألفاظها لم يرد فيه ذكر الضم، كما بينا، والثاني والثالث: غطيف بن الحارث، وشداد بن شرحبيل، ولم تعرف لهما صحبة، وليس لكل واحد منهما إلا حديث واحد هو ذلك الحديث الذي ذكر فيه كل منهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضع يده على يده.
وهذه الصيغة وإن كان البعض يرى أن صحبة الصحابي تثبت بمثلها؛ إلا أنه يحتمل أنه قال: روي بصيغة المبني للمجهول، أو نحو ذلك.
مخ ۸۳