فأما حديث شداد بن شرحبيل فرواه الطبراني(1)، والبزار(2)، والبخاري في التاريخ(3)، من طريق حيوة بن شريح الحمصي، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا حبيب بن صالح، حدثنا عياش بن مؤنس، عن شداد بن شرحبيل الأنصاري، قال: مهما نسيت فإني لم أنس أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائما يصلي ويده اليمنى على اليسرى، قابضا عليها.
هذا لفظ الطبراني. وليس في رواية البخاري قابضا عليها.
تقييم الحديث
ترك الاحتجاج بهذا الحديث معظم القائلين بشرعية الضم في الصلاة؛ لأنه لا يرقى إلى أن يكون دليلا، لما فيه من علل، نذكر منها:
الأولى أن هذا الحديث مرسل؛ فليس هنالك ما يثبت صحبة شداد بن شرحبيل إلا ما في هذا الحديث من قوله: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. والحديث من رواية عياش، وهو مع جهالته لم يذكر سماعا من شداد. فصحة الحديث متوقفة على صحبة شداد، وصحبة شداد متوقفة على صحة الحديث، وهذا الدور يقضي بعدم حجية الحديث. ويؤكد ذلك أنه قد تردد غير واحد من الحفاظ، في كونه صحابيا، فقال ابن السكن: ليس بمشهور.
وقال ابن عبد البر: ليس لشداد بن شرحبيل غير هذا الحديث(4).
وقال البزار: لم يرو شداد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا هذا الحديث، ولم يرو له الطبراني إلا هذا الحديث(5).
الثانية الانقطاع فإن عياش بن مؤنس مع أنه مجهول، قال فيه الهيثمي: لم أجد من ترجمه(6). ولم يذكر سماعا من شداد، وقد نبه على البخاري على هذه العلة في (التاريخ الكبير)(7).
الثالثة أنه تفرد به بقية بن الوليد، ولا عبرة بما تفرد به، خصوصا أنه رواه من طريق مجهول العين والعدالة، عن مجهول الصحبة.
مخ ۴۷