الحمدلة. ولذلك المصنفون يجمعون بينهما. لكن الابتداء بالبسملة حقيقي، وبالحمدلة إضافي، ليندفع التعارض. والاسم مشتق من السمو، وهو العلو، أو من السمة وهي العلامة. وفيه ست لغات كما هي مبسوطة في محالها من مطولات ومختصرات، ووشرت سينه للتمييز بينه وبين الفاصل للميم عنه. ولذلك كان عمر بن الحطاب رضي الله عنه يضرب الناس على توشيره، وعلى مد الألف المتصلة به قدام الباء، التي وضعت عوضا عن الألف المتصلة بالباء في حال انفرادها عن السين، كما في باسم ربك، وأفردت نقطة الباء التي تحت الاسم إشارة إلى تفرده تعالى بالألوهية والوحدانية، ودورت ميمه إشارة إلى احاطة ملكه سبحانه وتعالى جميع الكائنات، فاجتمع فيه معنى الألوهية والربوبية، ثم هذا المبدوء به المذكور في صدر المقدمة يحتاج كل ذاكر له وقائل به إلى علم معانيه والعمل بما يدعيه، فإن معنى قول القائل بسم الله، أي أستعين وأتبرك بكل اسم للذات الأقدس، المسمى بهذا الاسم الأنفس، الموصوف بكمال الإنعام وما دونه، فالباء متعلقة بمحذوف مقدر بقوة المذكور وكونه فعلا أولى لأنه الأصل في العمل، وعمل الاسم بالحمل عليه وخاصا من مادة المفعول أولى أيضا، فمريد السفر يقدر بسم الله أتبرك وأستعين به على السفر، والمؤلف يقدر على التأليف، فهو في معنى أسافر أو أؤلف ونحو ذلك، لما فيه من الاستعانة والتبرك في جميع أجزاء الفعل، بخلاف الابتداء والافتتاح سواء قلنا معنى الباء الاستعانة أو المصاحبة أو التعدية، وكونه مؤخرا عن لفظ بسم الله أولى أيضا، ولا يجوز بينهما والأولى تأخيره عن الرحمن الرحيم لمن أتى بهما، وذلك لأن رتبة العامل التقديم، فتأخيره لنكتة وهي إفادة الاهتمام مطلقا والاختصاص والحصر غالبا وهو من حمر القلب ان كان المشركون يتبركون بأسماء آلهتهم وما يعبدون من دون الله، أو من قصر الإفراد ان كانوا يتبركون بالابتداء بأسماء الله وأسماء آلهتهم، واستظهره السعد وغيره.
فلذلك وجب على الموحد قصر الاستعانة والتبرك على اسم الله تبارك وتعالى، أي الإتيان بما يفيد ذلك وان لم يلاحظه أو لم يعرفه، ولا يغني عنه كون المتكلم لا يعتقد ذلك لعدم إطلاعه عليه ومعرفته إياه، إذ الجهل بالشيء لا يزيل حكمه. وأما قوله تعالى اقرأ باسم ربك فللاهتمام بالقراءة لخصوص المحل، فان أول هذه السورة أول ما نزل من القرآن واقرأ فيها راجع للبسملة لأنها بعض ذلك الأول ومقدمة عليه، فهي أول آية نزلت على الإطلاق كما اقتضى الاختصاص والحصر، إياك نعبد وإياك نستعين، والمعنى نخصك بالعبادة
مخ ۱۶