حكى المازَرِيُّ في المُبَخَّرِ بالمَصْطَكَى ونحوِها قولين للمتأخرينَ بنَاهما على أنه مجاورٌ فلا يَسلب الطهوريةَ، أو مُخالِطٌ فيسلب، والظاهرُ أنه مخالِطٌ، ولم يَحْكِ اللخمي غيرَه.
وأما الدُّهْنُ، فقد أُنكر ما ذَكره المصنفُ؛ لأن المعروفَ مِن المذهب أن الدهنَ يَسلب الطهوريةَ، وممن ذكر أنه يسلب الطهورية ابنُ بشير، وعلى هذا يُحمل كلامه على ما إذا كان مجاوِرًا لسطح الماء، وإليه أشار ابنُ عطاء الله.
وقال ابن راشد: ولا يُقال: يَلزم عليه التكرارُ، وكان يستغني بالمجاورة؛ لأنَّا نقول: أراد أن يُبين أن المجاور الذي لا يَضُرُّ قسمان: قسمٌ غيرُ ملاصِقٍ، وقسمٌ ملاصقٌ.
وقال بعضُهم: أراد ما يَصعد على الماءِ الراكِد بِطُولِ المكثِ مما يُشْبِهُ الدهنَ.
وقال آخرون: أراد بالدهنِ الماءَ القليل، أو المطرَ القليلَ. والدهنُ يُطلق على ذلك لغةً، ولا يَخْفَى ضعفُه.
وَمِثْلُهُ التُّرَابُ الْمَطْرُوحُ عَلَى الْمَشْهُور
الضمير في (مِثْلُهُ) عائدٌ على (ما) أي: ومثل ما لا يَنفك عن الماء غالبًا الترابُ المطروحُ على المشهور، والمرادُ بـ (الْمَطْرُوحُ) المطروحُ قصدًا، لا ما ألقته الريحُ، فإنه لا خلافَ فيه أنه لا يَضُرُّ. ووجهُ مقابلِه أن الماءً منفكٌّ عن هذا الطارئِ فيسلبه الطهورية كالمطعومات.
وليس الخلافُ خاصًّا بالتراب، بل هو جارٍ في المُغْرَةِ والكِبْرِيتِ ونحوِهما. وخصَّصَ الترابَ بالذكر- والله أعلم- تبعًا لابن شاسٍ. وقد ذَكَرَ مجهولُ الجلّابِ أن المشهورَ في الترابِ وغيرِه واحدٌ، وهو عدمُ سلبِ الطهورية. لكن قال ابن يونس: الصوابُ في المِلْحِ سلبُ الطهورية.
1 / 6