وَلَوْ نَسِيَ صَلاةً مِنَ الْخَمْسِ تَيَمَّمَ خَمْسًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَلَّى
قوله: (وَصَلَّى) أي: خمسًا. وقد اختلف في أصول الفقه في هذه المسألة: هل الواجب عيه خمس أو وحدة، والبواقي لتحصيل المتروكة؟ والأول المختار بدليل أن خواص الواجب من ثواب أو عقاب يدور مع كل واحدة، والتيمم لكل واحدة يحقق هذا القول.
وأما مقابل الْمَشْهُورِ فيتيمم واحدًا ويصلي به خمس صلوات، وهو يحتمل أن يكون مبنيًا على قول أبي الفرج ويحتمل أن يكون مبنيًا على المذهب.
الثاني: لأنه أشبه من اجتمع في حقه فرض ونفل، فيكون كمن تيمم للفريضة وتنفل قبلها، بل هو أخف لجواز أن يصادف الفريضة أولًا.
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلا تُرابًا فَرَابِعُهَا لابْنِ الْقَاسِمِ: يُصَلِّي وَيَقْضِي، وَالثَّلاثَةُ لِمَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ ....
يُتَصَوَّرُ ذلك في المربوط والمريض إذا لم يجدُ مُناوِلًا.
وقوله: (تُرَابًا) أحسن منه لو قال: صعيدًا. وعلى ما قدمناه من قاعدته فإن ابن القاسم هو القائل بالأداء والقضاء، ومالك هو القائل بنفيهما، وأشهب قائل بالأداء دون القضاء، وأصبغ بالعكس.
فدليل قول ابن القاسم قوله ﷺ في الصحيحين: "إِذا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَاتُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ". ورأى [٣٥/أ] القضاء عليه احتياطًا، وهو بعينه حجة لأشهب؛ لأن ظاهره الاقتصار على الأداء. واختاره الأكثر لصلاة الصحابة رضوان الله عليهم عند عدم الماء قَبْلَ نزول آية التيمم؛ لأن عدم الماء قَبْلَ شرع التيمم كعدم الماء والتراب بعد شرعه.
ودليل قول مالك: "لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةَ أحدِكُم إذا أَحْدَثَ حتى يَتَوَضَّأ" أخرجه البخاري وأبو داوود والترمذي، وقال: حديث صحيح.