وقوله: (وهو يظن) يَدُلُّ على أنه كان غيرَ عالِمٍ، لكنَّ أبا سعيدٍ لم ينقل هذه المسألةَ في كتابِ الصلاةِ، ولا أَتى بها على ما هي عليه في كتابِ الوضوءِ، قاله عبدُ الحق.
والقولُ الثالث- مما حكاه المصنفُ- أنه مشكوكٌ فيه، أي لا يُتَحَقَّقُ هل هو نجسٌ أو طاهرٌ؟ ثم اختُلِفَ على هذا القول على قولين.
الأول: لابن الماجِشُونِ: يتوضأ أوّلًا ثم يتيمم للصلاة الواحدة، وإلى تقديم الوضوء- قبل التيمم- أَشار بقوله: (ثُمَّ يَتَوَضَّأُ) فإِنّ ثُمَّ للترتيبِ.
والثاني: لسُحْنُونٍ: أنه يتيمم أوّلًا ثم يُصلي، ثم يتوضأ ويصلي ثانيًا؛ ليكون قد صَلَّى صلاةً مُتَيَقِّنًا فيها السلامةَ مِن النجاسةِ.
وقوله: (فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدُ فَعَلَهُمَا) هو فرعٌ على قولَيْ مَن قال بالشكِّ، أي إذا أَحْدَثّ بعد أن فَعَلَ بمقتضى كلٍّ مِن القولين، فإنهما يتفقان على أنه يتوضأ ثم يتيمم لصلاةٍ واحدةٍ؛ لأن ما كان يخاف منه- على القول الثاني- وهو تلطيخُ أعضائِه بالنجاسةِ قد حَصَلَ. اللخمي: وكذلك لو لم يُحدث فإنه يتيمم ويصلي. واعترض ابنُ رشد هذا القولَ، أي قولَ مِن قال: إنه مشكوك فيه. وقال: الشكُّ ليس بمذْهَبٍ، وإنما هو وَقْفُ حَيْرَةٍ، وإنما المشكوكُ فيه ما شَكَّ في تغيره بالنجاسة، أو في حلولها فيه عند مَن يَرَى مُطْلَقَ الحُلولِ مانعًا وإنْ لم يتغير، ففي هذين الوجهين يُعتبر الشكُّ.
ابن هارون: وفيه عندي نظرٌ؛ لأن الشكَّ في الحكمِ قد يَحصل بتعارضِ الأدلةِ عند المجتَهِدِ فيرَى بالاحتياطِ.
وَالْجَارِي كَالْكَثِيرِ إِذَا كَانَ الْمَجْمُوعُ كَثِيرًا، وَالْجَرْيَةُ لا انْفِكَاكَ لَهَا
أي: والماءُ الجاري إذا وقع فيه مُغَيِّرٌ نجسًا كان أو طاهرًا، يُريد: والمستعملُ تحتَ الواقعِ، وأما لو كان فوقَه لم يَضُرَّ وإن كان يسيرًا. ابن هارون: إلا أن يقرب منه جدًا. انتهى.
1 / 17