قال ابن القيم×: =ولما كانت الذنوب متفاوتة في درجاتها ومفاسدها_تفاوتت عقوباتها في الدنيا والآخرة بحسب تفاوتها.
ونحن نذكر فيها_بعون الله_وحسن توفيقه فصلا وجيزا جامعا فنقول:
أصلها نوعان: ترك مأمور، وفعل محظور.
وهما الذنبان اللذان ابتلى الله_سبحانه_بهما أبوي الجن والإنس.
وكلاهما ينقسم باعتبار محله إلى ظاهر على الجوارح، وباطن في القلوب.
وباعتبار متعلقه إلى حق الله، وحق خلقه، وإن كان كل حق لخلقه فهو متضمن لحقه، لكن سمي حقا للخلق لأنه يجب بمطالبتهم، ويسقط بإسقاطهم+(23).
ثم شرع×بتقسيم هذه الذنوب إلى قسمة أخرى فقال:
=ثم هذه الذنوب تنقسم إلى أربعة أقسام: ملكية، وشيطانية، وسبعية، وبهيمية، ولا تخرج عن ذلك+(24).
هذا وقد سبق ابن القيم في هذا التقسيم أبو حامد الغزالي، حيث قال×: =اعلم أن للإنسان أوصافا وأخلاقا كثيرة على ما عرف شرحه في كتاب عجائب القلب وغوائله، لكن تنحصر مثارات الذنوب في أربع صفات: صفات ربوبية، وصفات شيطانية، وصفات بهيمية، وصفات سبعية+(25).
وفيما يلي تفصيل يسير لتلك الأصول التي ترجع إليها الذنوب(26).
1_ الذنوب الملكية أو الربوبية: وهي أن يتعاطى الإنسان ما لا يصلح له من صفات الربوبية، كالعظمة، والكبرياء، والفخر، والجبروت، والعلو في الأرض، ومحبة استعباد الخلق، ونحو ذلك.
ومن هذه الذنوب يتشعب جملة من الكبائر غفل عنها أكثر الخلق، ولم يعدوها ذنوبا ، وهي المهلكات، العظيمة التي هي كالأمهات لأكثر المعاصي.
ويدخل في هذه الذنوب، الشرك بالله، والقول على الله بغير علم.
2_ الذنوب الشيطانية: وهي ما كان في صاحبها شبه من الشيطان، ويدخل تحت ذلك الحسد، والبغي، والغش، والغل، والخداع، والمكر، والأمر بالفساد، وتحسين المعاصي، والنهي عن الطاعات وتهجينها، والابتداع في الدين، والدعوة إلى البدع والضلال.
وهذا النوع يلي الأول في المفسدة، وإن كانت مفسدته دونه.
مخ ۶