222

وهذا_وإن كان ملعونا على ما أكله وأوكله_فإذا تاب غفر له، ثم المقبوض قد يكون اتجر فيه، وتقلب، وقد يكون أكله، ولم يبق منه شيء، وقد يكون باقيا، فإن كان قد ذهب، وجعل دينا عليه كان في ذلك ضرر عظيم، وكان هذا منفرا عن التوبة. وهذا الغريم يكفيه إحسانا إليه إسقاطه ما بقي في ذمته، وهو برضاه أعطاه، وكلاهما ملعون.

ولو فرض أن رجلا أمر رجلا بإتلاف ماله وأتلفه لم يضمنه وإن كانا ظالمين، وكذلك إذا قال: اقتل عبدي، هذا هو الصحيح، وهو المنصوص عن أحمد وغيره؛ فكذلك هذا هو سلط ذاك على أكل هذا المال برضاه؛ فلا وجه لتضمينه_وإن كانا آثمين_كما لو أتلفه بفعله، إذ لا فرق بين أن يتلفه بأكله أو بإحراقه، بل أكله خير من إحراقه، فإن لم يضمنه في هذا بطريق الأولى.

وأيضا فكثير من العلماء يقولون: إن السارق لا يغرم؛ لئلا يجتمع عليه عقوبتان؛ من أن الحد حق لله، والمال حق لآدمي.

وهذا أولى؛ لئلا يجتمع على المربي عقوبتان: إسقاط ما بقي، والمطالبة بما أكل.

وإذا كان عين المال باقيا فهو لم يقبضه بغير اختيار صاحبه كالسارق، والغاصب، بل قبضه باتفاقهما، ورضاهما بعقد من العقود، وهو لو كان كافرا ثم أسلم لم يرده، وقد قال_تعالى_: =فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله+ . تفسير آيات أشكلت 2/588_590.

وقال×: =وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو ما قبضه بتأويل، أو جهل_فهنا له ما سلف بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار.

وأما مع العلم بالتحريم فيحتاج إلى نظر؛ فإنه قد يقال: طرد هذا أن من اكتسب مالا من ثمن خمر مع علمه بالتحريم فله ما سلف، وكذلك كل من كسب مالا محرما ثم تاب إذا كان برضا الدافع، ويلزم مثل ذلك في مهر البغي، وحلوان الكاهن.

مخ ۲۲۲